الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

“سقطت ما سقطت صابنها”…سيل الهتافات ما زال مستمرا من القيادة العامة…

  • 1/2
  • 2/2

شهاب محمد - الخرطوم - الخليج 365:
البمبان، والخراطيش والرصاص، والعصي، أسلحة استخدمها النظام البائد لإسكات صوت هتاف الثوار الذي ما ازداد إلا هديرا منذ التاسع عشر من ديسمبر وحتى كتابة هذه الصفحة. ورصدت (الجريدة) استمرار الهتاف بقوة تحت نير الرصاص الحي صبحية التاسع أبريل ضمن أكبر محاولة لفض الاعتصام، مدن السودان العظيم التي ظل شعبها يستنشق الهواء الملوث بالغاز المسيل للدموع 117 يوما متتاليا من عمر الزمان، حتى تعب جلادوه من القمع، ما فتئ يطلق على رأس الدقيقة هتافا جديدا وفق مجريات الأحداث، كيف تصنع الهتافات، وما مقومات ذلك، وما تداعياتها على المتلقي؟ (كنداكات) اعتبروها فعلا ثوريا تلقائيا، بينما عزاها نقاد لتراكمات الفعل الثوري. (الجريدة) أجرت هذه الجولة من داخل مقر الاعتصام!

سيل من الهتافات!
ما زالت الهتافات تتوالى في ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة لقواتنا المسلحة، وهي ما سماها مراقبون هتافات ما بعد السقوط، وتتسم بإبراز المطالب التي لم تتحقق بعد للثوار، وأبرز هذه الصيحات الثورية الآن هي (سقطت ما سقطت.. صابنها) والصب بحسب لغة الشباب يعني التسمر مثل (الصبة)، وقد اشتهر هذا الشعار بصورة تضاهي (تسقط بس) ويردده المواطنون داخل وخارج ساحات الاعتصام، ويعتبر الشعار الذي أطلقه الثوار عقب إعلان السقوط وما ورد في البيان الأول هو الأكثر قوة وظل الثوار يرددونه ليوم وليلة وهو (البيان مالو ..البيان وسخان.. الجابو منو.. جابو الكيزان). وجدير بالذكر أن أطلق عقب البيان مباشرة ولم يتوقف ترديده حتى صدور البيان الثاني الذي جاء بالبرهان، وهناك هتافات أخرى تردد بصيغة السؤال والجواب كقول الثوار (أنحنا منو؟) فيردون: أولاد أمدر .فيسألون: جايين لي شنو؟ .فيجيبون: جايين للموت. ومن الهتافات الطريفة واللافتة والمشيرة لبديهة مطلقيها قول يقول (شالو كديسة وجابو فطيسة .. وعملوا الحركة الما دسيسة) و(الدسيس) بحسب لغة شباب السودان تعني الشيء المستحسن، وهناك هتاف مهم وهو (نحنا الجيل الراكب راس.. ما بحكمنا رئيس رقاص) وفيه دلالات على الوعي المطلبي وكذلك الإصرار على إسقاط النظام. ورصدت (الجريدة) هتافات أخرى تتعلق بثقافة الاعتصام وقوانينه ونظمه مثل (أرفع يدك فوق..والتفتيش بالذوق) ويردده الواقفون على المداخل للتفتيش، ومئات الهتافات التي لا تخلو من روح الإبداع والطرافة (ما تمشو تخلونا.. بالليل بجازفونا) و(المارقين شينين.. والجايين سمحين) بجانب الدعوة لمواصلة المجيء لأرض الاعتصام كشعار (يا طالع الكبري.. بكرة الصباح بدري) وغيرها كثير. لفت الحضور هتافات متتالية يطلقها شاب صغير في المرحلة الثانوية مرفوعا على الأعناق ويردد خلفه الحضور عبارة (أي والله) ومنه (درقة نكسرا لي..بمبان نرجعو لي..كاكي نشرطو لي)..إلى آخر الهتاف. ومن الشعارات التي تردد بالمشاركة الجماعية قصائد محجوب شريف ومحمد الحسن سالم حميد التي تردد مع عبارة (ثورة)، وانتهج الثوار شعارات أخرى ذكية لتسجيل حضورهم في مشهد الثورة العظيم ومن تلك (بري البراري بري..السم الهاري بري) و(نحن منو .. أولاد أمدر..جايين لي شنو.. جايين للموت)، أما المواكب التي تحضر من الأحياء إلى أرض الاعتصام بهتافاتها، فمن ثقافة الاعتصام أن تتوقف لأداء نشيد العلم بعد الترحيب بهم بعبارة (مرحب مرحب بالثوار) ومن ثم يواصلون هتافهم، أما (وردية الليل) وهم الثوار الذين يقضون ليلهم بأرض الميدان فشعارهم المميز هو (ثوار الليل..ثوار الليل) بنغمته المحبوبة، ومن طرائف الهتيفة لجمع مبالغ مالية للمعتصمين (شير لي أخوك البايت..عندك خت..ما عندك شيل). و(حتسقط وحنعرس..حنعرس كناكة) و(حتسقط وحنعرس..حنعرس شفاتة).
حرية..سلام..وعدالة!
وتقول (كنداكة): الهتافات تلقائية يستدعيها الحدث كل ما جد جديد، وأصلا حالة الثورة الحقيقية التي تعيشها البلاد تجعل خروجه سهلا ومتاحا، ونحن- السودانيين- شعب يحب القوافي المتتابعة في أحاديثنا يالعادية ونعززها دائما بالأمثال الشعبية وهي من صنف الهتاف تقريبا، هتاف (تسقط بس) ترديده يثير الحماسة والقوة، وأكثر هتاف (علق) معاي هو (الحكومة راكبة تاتشرات).
وقالت (ثائرة): صراحة أنا أول مرة أطلع الشارع كان يوم 6 أبريل، وتحمست للخروج بسبب هتاف (الطلقة ما بتكتل..بكتل سكات الزول) هذا هتاف محفز للثورة ويجعل سامعه يشعر بالخجل من عدم المشاركة، كما أنه يزيل الخوف منه، كذلك عندما نستمع إلى نشيد العلم الذي تردده جماعيا كل المواكب القادمة إلى ميدان الاعتصام من الأحياء يثير الحماسة والوطنية، وأثر فيني جدا هتاف (حرية سلام وعدالة) لأني أقمت فترة طويلة بالسعودية وكنت بحاجة إلى المعاني التي يحملها هذا الهتاف بالتحديد.
تشكيلي اعتبر أن هذه الصيحات الثورية كانت أقوى من المنشورات التي ألف الناس تداولها للحث على الثورة ضد الطغاة، ومضى: شعار (تسقط بس) الأشهر في هذه الثورة، تطور من مجرد شعار اتفق عليه السودانيون إلى نمط حياة يعيشه الناس في كل مكان، وعشنا جميعا تداوله حتى مع السلام، السلام عليكم.. تسقط بس .. فيرد الآخر عليك: وعليكم السلام.. تسقط بس.

أهم هتاف!
الناقد السر السيد اعتبر أن (تسقط بس) هو أهم وأقوى هتاف ومضى في حديثه لـ (الجريدة): كان هذا هو الشعار الجامع الشامل، ثم تم تفسيره بشعار آخر (حرية سلام وعدالة.. والثورة خيار الشعب) الذي كان (روح الهتافات) وهو شعار رسمي ويعبر عن المثقفين، وتوالت الصيحات الثورية بعد ذلك في (البيان مالو.. البيان وسخان) وحتى التي تعلقت ب ـ(وداد) وغيرها أبدعها شباب ليس له علاقة بأي (أيدولوجية) سياسية، مثلا عندما تسمع (داون داون يو إس إي) يتبادر إلى ذهنك الحزب الشيوعي، عندما يرددون (الإسلام هو الحل) تتذكر الحركة الإسلامية، وهكذا، لكن شعارات الثورة صنعها منذ وقبل 19 ديسمبر في العاصمة والأقاليم، شباب كاسرون لكل سلطة حتى القيم الإيجابية لأنها نبعت من قيم سلطوية كاذبة قاموا بكسرها، وتميزت الصيحات الثورية بأنها ذات جمل قصيرة، ونعبر بشكل قاطع عن المطالب بالتحديد وتظهر شجاعة كبيرة في الطرح أو طريقة العرض والأداء. وحول اللغة المستخدمة من قبل الثوار في الهتافات قال السيد: كانت لغة مزجت بين ثلاثة مستويات لغة رفيعة جمالية، وثانية شعبية جدا تناولت حتى المسكوت عنه في صياغ الحديث العام، وثالثة لغة مباشرة وعامية. وأضاف: على سبيل المثال هتاف (البيان مالو.. البيان وسخان) تطور إلى (ابن عوف مالو.. ابن عوف وسخان) فعبارة (وسخان) هذه ليس من السهلة أن تقولها لأحد لكنها أعلنت في هذا الشعار وفي لحظة إطلاقه بالذات حيث كانت هنالك مؤامرة حقيقية ضد مطالب الثورة ومهدد فعلي لأهدافها.

حمولة تنفيسية!
وحول الهتاف الشهير (أي كوز ..ندوسو دوس .. ما بنخاف ما بنحاف ما بنخاف)، والذي تعرض لاستهجان من بعض الإسلاميين قال السيد: ربما كان فيه درجة من درجات العنف اللفظي ولكن هذا الشعار عندما أطلق كان يحمل دلالة ترهيبية أكثر من قصده لمعنى (ندوسو دوس) فعليا على أرض الواقع، بمعنى (ندوس) أفكار الكوز، ثقافة الكوز، نهجه العدواني والإقصائي، أكثر من الفعل الشخصي، إلى آخر هذا، ودليل آخر أن عددا من الكيزان كانوا متاحين للثوار، ولم يدوسوهم. هذا أمر مهم جدا، هو شعار يحمل مدلول تنفيسي عن حمولة نفسية للشعب لا أكثر، بالمقابل فإن هذا الشعار يقابل وبشكل أخف شعار (فلترق منهم دماء) الذي ظلت السلطات تردده طوال 30 عاما، وفي صلاته الأخيرة ردده عبد الحي يوسف، فقال في خطبة الجمعة بعد زوال النظام ما معناه أن أي مساس بالدين في العهد الجديد يقتضي إراقة الدماء، حسب قوله.

أدب الثورة!
من جانبه ذهب الشاعر محمد طه القدال إلى أن أي ثورة حقيقية تنتج آدابها وفنونها وتابع في حديثه لـ(الجريدة): ومن الملاحظ في هذه الثورة أن آدابها وفنونها يتم بثها أثناء أوار الثورة لتجديدها وقد كانت أشعار أكتوبر 1964 قد تم إنجازها بعد انتصاراتها لتمجيدها، ويصدق هذا أيضا على أبريل 85، الآن كلما استطال زمن الانتفاض زاد المنتج الثوري من الآداب والفنون التي ستصدر بعد النجاح الكامل للثورة بإذن الله. وحول صياغة الهتاف الثوري قال: هذه الأهازيج لا يصح تطبيق مقياس الشعر أو الشعرية عليها، والتاريخ حفظ لنا أهازيج مماثلة قيلت قبل أربعة عشر قرنا في السلم والحرب وأتت إلينا من مكة المكرمة والمدينة المنورة مباشرة وبعضها ورد مرويا عن الصحابة ومنها ما ورد مرويا على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والسمة السائدة في شعارات الثورة الأخيرة أنها تمثل الجيل الذي اجترحها تماما في رشاقتها وإيقاعيتها، وما تتضمن من معاني أشواقية وتطلعات وأماني لدى الشباب، وأظنها تعبر عن ما يعتمل في رؤوس السودانيين جميعا حتى الذين لا يقرونها. وحول الأدب الثوري في ثنايا تلكم الهتافات قال القدال: باختصار فإن أي أدب يرى هموم الآخر ولا ينسى همه هو أدب ثوري، وكل أدب يستشرف تطلعات الناس وآمالهم للعيش الكريم ولا ينسى آماله فهو أدب ثوري، وأصدق الشعارات التي يتغنى بها المنتفضون اليوم من إنتاج الشعر، ورحم الله الشاعر العزيز الراحل محمد الحسن سالم حميد فهو من قال شعار (حرية سلام وعدالة.. والثورة خيار الشعب) الذي صار نغما حلوا لدى الثوار، وشعارات أخرى وردت في قصائد للشعراء مثل شاعر الشعب محجوب شريف، ولشاعرات تخرج مقاطع من أشعارهن، شعارات بينات من بين (بنبان) وغبن المبدع، الذي يرى الثورة على البعد حين يفشل الساسة في القيام بدورهم في تهيأة العيش الكريم لمواطنيهم.

هتاف مثير للدموع!
ورصدت (الجريدة) تفاعلا منقطع النظير، وترديد لم يتوقف حتى اللحظة لشعار وهتاف أخذ موقعا مميزا في أحداث الثورة السودانية، ويردده الكل بصورة جماعية داخل وخارج أرض الاعتصامات في كل مكان بالبلاد وسط حالات من التأثر والبكاء الشديد، وهذا جزء من النص الأثير (الحكومة راكبة (تاتشرات).. الحكومة شايلة (كلاشات).. الحكومة بتكتل الأستاذ.. الحكومة بتضربك في الراس..الحكومة الليلة محتارة.. الحكومة الليلة منهارة.. الرئيس رقاص وما نافع.. يا اخي (نافع) ذاتو ما نافع).

الهتاف الآن!
كما رصدت (الجريدة) أيضا هتافا آخر أقر بعد سقوط النظام ويطلق بكثافة هذه الأيام وهو ( ما بنرجع وما بنتغشى.. غير ما يتحاسب بشة ..يتحاسب بشة ونايبو ..وعلي عثمان وكتايبو.. وجهاز الأمن ونافع.. البسرقو دم الشافع).

المادة السابقةالهدوء .. الهدوء ..!!.. بقلم محمد عثمان بلل
المقالة القادمةصوت الشارع..

كانت هذه تفاصيل خبر “سقطت ما سقطت صابنها”…سيل الهتافات ما زال مستمرا من القيادة العامة… لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على السودان اليوم وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements