اتفاق بين مصر والاتحاد الأوروبي لرفع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، إلى جانب اتفاقيات أخرى تخطت الـ٨ مليارات دولار.. هذه الاتفاقات علامات مهمة على طريق العلاقات المصرية الأوروبية، فضلا عن أنها علامات مهمة على طريق الإصلاح الاقتصادي المصري.

الدعم الأوروبي جاء مزامنا لاتفاقيات هامة للاقتصاد المصري، مثل صفقة رأس الحكمة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

تخبرنا هذه الخطوات جميعا أن الاقتصاد المصري عاد إلى مساره الصحيح بعد أزمة خانقة طارئة ألمت به.. لكن السؤال الآن: هل عبرنا الأزمة بشكل كامل؟

الإجابة: نحن في طريق العبور، لم نعبر بعد، كما أننا أيضا تخطينا مرحلة البحث عن الحلول.. هناك الكثير لنفعله في الطريق، بعضها أمور فنية يتناولها الاقتصاديون بالشرح المفصل، والبعض الآخر مفاهيم يجب أن تصبح دستورا مجتمعيا.

٣٥ مليارا من رأس الحكمة، و٩.٢ مليون من صندوق النقد الدولي وشركاء آخرين، و٨ مليارات من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب اتفاقات أخرى.

يُجمع الاقتصاديون على أن كل ما سبق يمثل حلا لأزمة السيولة الطارئة الحالية، لكنه ليس ضمانة لعدم تكرارها، كما يُجمع الاقتصاديون أيضا على أن الحل الحاسم الذي يضمن عدم تكرار أزمة السيولة هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد الدولارية عبر المصادر الطبيعية للنقد الأجنبي: الصادرات – قناة السويس – السياحة – تحويلات المصريين في الخارج – الاستثمار الأجنبي.

ما يجب أن نفهمه جميعا الآن أنه لا بديل عن تنمية تلك الموارد، وهو ما يتطلب تغييرا في الفكر الاقتصادي للدولة وللمجتمع، فالمليارات التي كانت متاحة لاستيراد منتجات تامة الصنع لن تكون متاحة كما كانت، رغم أن المؤسسات الدولية باتت تتحدث عن فوائض متوقعة في التمويلات الخارجية لمصر خلال السنوات الأربع القادمة، ورغم عودة الأموال الساخنة، إلى جانب الصفقات التي تحدثنا عنها.

الفوائض لن تظل متاحة للأبد دون إصلاح اقتصادي، والإصلاح الاقتصادي يُحتم ذلك التغيير في الفكر والمنهج والخطوات التنفيذية لكي يؤتي ثماره، هذه القناعات يجب أن تستقر لدى المجتمع كله، وليس فقط لدى الدولة التي عبر مسؤولوها مرارا عن رسوخ تلك القناعات عندهم..

مصر أكبر من أن تفشل، هذه حقيقة، لكن الحجم الهائل للقوة والثقل الإقليميين والدوليين، يجعلان ذلك الإصلاح العميق والشامل ضرورة مُلحة، كما أنهما يساعدان على إتمامه بتقديم الفرص الداعمة له.

لؤي الخطيب – الوطن نيوز