الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

أم كلثوم التي كانت.. وستبقى

بين كلمة «أم كلثوم» وكلمة «الطرب» علاقة لا تنفصم، فالناس فى مصر يربطون بين الكلمتين ربطاً تاماً، فإذا ذُكرت أم كلثوم تداعى إلى الأذهان على الفور الغناء والطرب، وإذا ذُكر الطرب انطبعت فى العقل صورة أم كلثوم. وقد نُشر بالصحف أن حفلاً كبيراً سيقام بمناسبة مرور 100 عام على بدء أم كلثوم الغناء، وإن كنت أعتقد أن بدء «الست» الغناء كان منذ أكثر من مائة عام.

ليس فى مصر أو فى الوطن العربى كله مثلها، رحلتها إلى القمة طويلة، لكنها كانت ناجحة فى كل خطواتها، فإذا ما خطت خطوة فى طريقها الفنى لم تتقهقر مرة أخرى. عندما وُلدت شعر أبوها بعبء وجودها كفتاة على أسرته الفقيرة، فالرجل -الشيخ إبراهيم- كان إماماً لمسجد القرية ولم يكن يتحصل على أكثر من 20 قرشاً فى الشهر، لذلك كان يكسب بعض قوته من القراءة فى الموالد أو من غناء التواشيح والقصائد الدينية، لكن تلك الفتاة التى أطلق عليها أبوها اسم أم كلثوم تيمناً وتبركاً باسم إحدى بنات النبى محمد صارت نعمة على الشعب العربى كله لا فى مصر وحسب، بل صارت جزءاً من وجدان الشعب على مر السنين.

لم يكن طريقها إلى المجد معبَّداً، مسحت قرى ونجوع القطر المصرى على قدميها الصغيرتين فى سن الطفولة والصبا.

بعدما نضج جسدها كان أبوها وأخوها يستران معالم أنوثتها بالملابس التى تُظهرها فى صورة رجل وجعلاها تلبس عقالاً تشبُّهاً بهما.

لم تتعلم فى مدرسة أو جامعة، تعلمت فى الأزقة والحوارى ودروب الريف واستوعبت أذواق الفلاحين الفقراء ومزاج الطبقات الشعبية الذين كانوا يواجهون الحياة المريرة بصدورهم بدون رصيد آخر.

تعلمت على يد أستاذها الأول الشيخ أبوالعلا محمد الذى كان فناناً وموسيقياً أصيلاً عارفاً بعلوم الفن والشعر ومكامن وأسرار الموسيقى العربية والشرقية.

ظهرت أم كلثوم فى زمن الحرب العالمية الأولى، حيث عانى المصريون من قسوة الاحتلال الذى سخّر الناس والبلد كلها لصالحه وخدمة جيوشه فى الحرب فبخس حقوق الفلاحين واستولى على محاصيلهم فزاد الفقر.

فى تلك الفترة المظلمة من تاريخ مصر كانت أم كلثوم نسمة فن تخفف عن الفلاحين بأغانيها فى مناسباتهم الاجتماعية كما فعلت بعد ذلك وخففت من آلام الشعب بعد نكسة يونيو 1967 وجابت الدول طولاً وعرضاً لجمع الأموال لصالح المجهود الحربى.بعدما شبّت أم كلثوم ورحلت إلى القاهرة قدمت فناً مختلفاً عما كان معروفاً فى تلك الفترة.

كان المغنى يرتجل ويتعامل مع أغانيه بما يراه حتى لو كان ذلك مغايراً لقواعد الفن الحقيقى.

حوربت أم كلثوم، خاصة من منيرة المهدية التى أطلقت نقادها على أم كلثوم، لكن أم كلثوم لم تهتز أو تتأثر وظلت على قناعتها فى تقديم الفن الحقيقى.

وبعد فترة أدرك النقاد أنها تتمتع بالموهبة والدراسة الفنية، وفى النهاية انتصرت أم كلثوم على منيرة المهدية التى كانت موهبة بلا دراسة، بينما كانت أم كلثوم موهبة مصقولة بالدراسة والتعلم، كما أن الجمهور أدرك أنها لا تقدم طرباً وحسب وإنما تقدم جهداً وعرقاً، كانت تعطى للجمهور بدون أن تبخل عليه، كانت تعطيه من حياتها وليس من حنجرتها فقط. واستطاعت أم كلثوم أن تُنهى مرحلة طالت من مراحل الغناء المصرى، مرحلة أمان.. أمان.. يالللى.

كتب الصحفى الأمريكى جوردون جاسكيل فى بدايات الستينات تحقيقاً فى مجلة «لايف» التى نشرت صورة أم كلثوم على غلافها يقول: «فى الساعة العاشرة من مساء الخميس الأول من كل شهر تخلو الشوارع العربية من بغداد إلى الرباط، ويترك الناس ما يشغلهم ويُنصتون إلى أم كلثوم فى حفلها الشهرى الذى يذاع عبر الراديو.

هذه الظاهرة ربما تكون اللحظة الوحيدة التى تجمع ملايين العرب. فى تلك المنطقة شيئان لا يتغيران، الأهرام وأم كلثوم»، قصد أن التغيرات السياسية أو الاجتماعية لا تؤثر على إجماع الناس فى الوطن العربى كله على أم كلثوم.

خرجت أم كلثوم من القرية كما خرج عظماء الوطن من القرى، القرية منجم وكنز المواهب فى كل المجالات الفنية والأدبية والسياسية والعلمية.

وقد أُعجب كبار الشخصيات فى مصر والوطن العربى بأم كلثوم، وكانت حفلاتها تحظى بوجود شخصيات عربية تصل إلى القاهرة فقط لحضور حفل «الست» التى نالت من الألقاب الكثير، ولكن أهمها «الست» و«كوكب الشرق»، وحصلت على العديد من الأوسمة.

كان عملاق الرواية العربية نجيب محفوظ من المفتونين بالست وأطلق على إحدى ابنتيه اسم أم كلثوم. عندما احتفلت جريدة الأهرام بعيد ميلاد نجيب محفوظ الستين سأله الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل: ماذا تريد فى عيد ميلادك، فأجاب بدون تردد أو تفكير، أريد أن تحضر الست عيد الميلاد، وقد كان، وحضرت أم كلثوم عيد ميلاد نجيب محفوظ، وربما كانت المرة الوحيدة التى اجتمع فيها القطبان الكبيران أو من المرات القليلة.

غنت أم كلثوم وأطربت الناس بالأغانى من كل نوع، العاطفى، الاجتماعى، السياسى، وتفاعل الناس وأُعجبوا بكل ما غنت وأطربت.

من حسن الحظ أنها عاشت بعد اختراع الراديو والتليفزيون والسينما فصارت حية معنا، كانت وستبقى.

رفعت رشاد – الشروق نيوز

كانت هذه تفاصيل خبر أم كلثوم التي كانت.. وستبقى لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا