الارشيف / اخبار العالم

التباين يتّسع... كيف تلقف "حزب الله" مواقف عون من حرب الجنوب؟!

صحيح أنّ الإشكاليّة التي طرأت على العلاقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ليست بجديدة، وقد دفعت الكثيرين في أكثر من مناسبة، خصوصًا على الضفة "العونيّة"، إلى "نعي" تفاهم مار مخايل الذي جمع الطرفين ذات يوم، واعتباره "كأنّه لم يكن"، إلا أنّ المواقف التي أطلقها الرئيس السابق ميشال عون هذا الأسبوع، والتي حملت انتقادات "ضمنية" للحزب، لم تكن من النوع الذي يمكن أن يمرّ مرور الكرام.

ففي وقتٍ كان الخلاف بين "التيار" و"القوات" يوضع في خانة الاختلاف على الاستحقاق الرئاسي حصرًا، باعتبار أنّه ظهر في اللحظة التي أعلن فيها "حزب الله" تبنّي ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية للرئاسة، وإن تفرّعت منه تبايناتٌ بالجملة حول العديد من الملفات والاستحقاقات، كشفت مواقف عون أنّ الاختلاف يشمل قضايا "استراتيجية"، من بينها مقاربة "جبهة الإسناد" التي ينخرط الحزب على خطّها جنوبًا.

بهذا المعنى، لا يُفهَم قول عون "إننا لسنا مرتبطين مع غزة بمعاهدة دفاع"، وإنّ "من يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية"، سوى على أنّه رسالة "مضمرة" إلى "حزب الله" تحديدًا، الذي يقول جهارًا إنّ فتح جبهة الجنوب كان موقفًا وطنيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا، من باب "واجب" التضامن مع الشعب الفلسطيني المُحاصَر في قطاع غزة المُحاصَر، بل يرفض أيّ حديث عن وقفٍ لإطلاق النار قبل التوصّل إلى اتفاقٍ مماثل في غزة.

ولعلّ ما يعزّز من أهمية "التباين" يكمن في أنّه يدحض فرضية "شخصنة" الخلاف مع رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل تحديدًا، ويقرّب موقف "التيار" بشكل أو بآخر من موقف خصوم "حزب الله" الذين يرفضون ما يعتبرونه "احتكارًا لقرار الحرب والسلم" من جانبه، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول كيفيّة تلقّف الحزب لمواقف عون، ومن بعده باسيل، وبالتالي حول التبعات المحتملة لها على مختلف المستويات.

في المبدأ، يقول العارفون إنّ الإيحاء بأنّ مواقف عون وباسيل الأخيرة يمكن أن تكرّس "القطيعة"، أو ربما "الطلاق" بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، قد لا يكون واقعيًا، لأنّ العلاقة بين الجانبين "متأزّمة" أساسًا، ما يعني أنّ المعادلة "الأدقّ" قد تكون أنّ هذه المواقف هي "النتيجة" وليست "السبب"، بمعنى أنّها تترجم انحدار العلاقة إلى الحدّ الأدنى، بفعل التباينات السياسية التي ما عادت تسمح بأيّ "تقاطع"، حتى في المواضيع الاستراتيجية.

في هذا السياق، يشير العارفون إلى أنّ استرجاع محطّات العلاقة بين الطرفين في الأشهر الأخيرة قد يكون كافيًا للتأكيد على ذلك، بدءًا من مقاربة ملف الانتخابات الرئاسية، الذي "فرّق الحليفين" إن جاز التعبير، حيث أبدى "حزب الله" تمسّكًا بترشيح فرنجية حتى النهاية، ما دفع باسيل إلى وضع يده بيد خصوم الحزب، لضرب هذا الترشيح، من خلال "التقاطع" الشهير مع قوى المعارضة، على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.

لكنّ الملفات الخلافية لا يمكن حصرها بالملف الرئاسي، ولو أنّ الخلاف الرئاسي نجح في تظهيرها بوضوح، من بينها طريقة تعامل "حزب الله" مع الحكومة المستقيلة، بل توفيره "الغطاء" القانوني والسياسي الذي ما كانت لتستطيع أن تحكم لولاه، وذلك من دون مراعاة موقف "التيار" السلبي منها، مرورًا بموقفه من بعض الاستحقاقات المفصليّة، كالتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي كان باسيل واضحًا باعتباره "خطاً أحمر".

وإذا كان الخلاف ظهر بوضوح أيضًا في ذكرى تفاهم مار مخايل التي مرّت مرور الكرام هذا العام على ضفّة "حزب الله"، بحجّة انهماكه بحرب الجنوب، فيما استغلّها "التيار" لتعميق "الشرخ" عبر حديث باسيل عن فشل التفاهم في بناء تصوّر حول بناء الدولة، فإنّ هناك من يعتبر أنّ خير معبّر عن "الطلاق" كان بتعيين باسيل لناجي حايك نائبًا له للشؤون الخارجية، وهو المعروف بمعارضته الشرسة للحزب، بل مزايدته في ذلك على "القوات" و"الكتائب".

على الرغم ممّا تقدّم، يقول العارفون إنّ لمواقف عون الأخيرة "دلالاتها العميقة"، فهي تأتي لتترجم اتساع رقعة التباين، بعيدًا عن حصره بملف الرئاسة وشخصنته بقيادة باسيل، الذي لم يتأخّر بالمناسبة لتلقّف الأمر، بإعلانه في مؤتمر صحفي معارضته لنظرية "وحدة الساحات"، ما يدفع إلى السؤال عن كيفية تلقف "حزب الله" لهذه المواقف على المستوى العمليّ، وما إذا كان يمكن أن تحفّزه على إعادة قراءة "موضوعيّة" لواقع العلاقة الثنائية.

وإذا كان مُستبعَدًا أن يدلي "حزب الله" بأيّ موقف من هذا النقاش في العَلَن، وسيلتزم بسياسة "الصمت" التي اعتمدها منذ اليوم الأول للخلاف مع "التيار"، باستثناء بيان "يتيم" أصدره بداعي "الردّ" على الهجوم "الشخصيّ" على أمينه العام السيد حسن نصر الله، فإنّ العارفين يؤكدون أنّ الحزب سيبقي على المقاربة إياها، انطلاقًا من رغبته بالحفاظ على "الودّ"، ولو بحدّه الأدنى، ومن إصراره على "التمييز" بين مواقف خصومه ومواقف "التيار".

فحتى لو جاءت مواقف عون وباسيل الأخيرة تشبه، في الشكل، مواقف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي اعتبر أن ما يقوم به "حزب الله" في الجنوب لا يخدم غزة بل يشكّل خطرًا على لبنان، ورئيس حزب "الكتائب اللبنانية" سامي الجميل الذي رفض ربط مصير اللبنانيين بمصير غزة، محمّلاً الحزب مسؤولية دماء المدنيّين والأطفال التي تسال، فإنّها وفق معايير الحزب، أكثر من مختلفة في المضمون، وتحديدًا في الجوهر.

في هذا السياق، يوضح العارفون أنّ الحزب لا يوافق على مقاربة عون حول عدم وجود "استراتيجية دفاع مع غزة"، لم يزعم أحد وجودها أصلاً، ولا يوافق بطبيعة الحال عن حديثه عن جامعة الدول العربية، التي غيّبت نفسها منذ سنوات عن مساندة القضية الفلسطينية، لكنّ الأهمّ من كل ذلك، أن موقف عون هذا "تفصيليّ"، وبالتالي لا يسري على الموقف "الاستراتيجي" من المقاومة، والذي اختبره "حزب الله" بالعمق في حرب تموز 2006.

من هنا، يشدّد العارفون على أنّ "الحزب" يبدو أقرب إلى "تفهّم" مواقف عون وباسيل، ولو بتحفّظ، لأكثر من سبب، من بينها أنّه لم ينسَ وقوف "التيار" إلى جانبه في حرب تموز، ورهانه على أنّ الموقف لن يكون مختلفًا في حال توسّعت الحرب اليوم، ومن بينها أيضًا أنّه يصرّ على حفظ "خط الرجعة" مع "التيار"، إن جاز التعبير، لاقتناعه بأنّ ما يحصل حاليًا ليس سوى "غيمة صيف"، بغضّ النظر عن "مبالغات" بعض الجمهور "العونيّ" في تصوير الأمر.

في النتيجة، قد لا تكون مواقف عون وباسيل محطّ ترحيب من قبل جمهور "حزب الله"، وربما قيادته أيضًا، في ظلّ ما تعتبره "حربًا حقيقيّة" تخوضها في الجنوب حاليًا، وتتطلب التفافًا وطنيًا، لكنّ الأكيد أن الحزب الذي يميّز بين هذه المواقف ومواقف الخصوم، الراغبين بإطلاق "حبهة سياسية" في مواجهته، لن يفرّط لأسباب سياسية ومصلحيّة بعلاقةٍ عون طرف فيها، وهو الذي قال السيد نصر الله يومًا عن موقفه إنه "دَيْنٌ في رقبتنا حتى يوم القيامة"!.

كانت هذه تفاصيل خبر التباين يتّسع... كيف تلقف "حزب الله" مواقف عون من حرب الجنوب؟! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا