الارشيف / اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | كيف وصلت إيمادا ميهو إلى العالمية من بوابة ساكي هيروشيما؟

  • 1/16
  • 2/16
  • 3/16
  • 4/16
  • 5/16
  • 6/16
  • 7/16
  • 8/16
  • 9/16
  • 10/16
  • 11/16
  • 12/16
  • 13/16
  • 14/16
  • 15/16
  • 16/16

ضمت قائمة BBC لعام 2020 لأكثر 100 امرأة مؤثرة وملهمة حول العالم، امرأة يابانية واحدة فقط هي إيمادا ميهو، مالكة ورئيسة التخمير في مصنع الساكي ’’إيمادا شوزو هونتين‘‘. وبعد ذلك بعامين، أدرج اسمها في قائمة فوربس لأكثر 50 شخصية آسيوية مؤثرة. وفي هذه المقالة نسلط الضوء على طريقة إيمادا في تحضير الساكي وشغفها الذي قادها إلى العالمية.

البيئة والناس في قلب الساكي

”لا أستطيع أن أترك عملية التخمير في الصباح، لذا يرجى الحضور في فترة ما بعد الظهر. إذا كان لديك الوقت، قم بإلقاء نظرة حول المنطقة المحيطة أيضا. هناك بعض المواقع التي يمكنني أن أوصي بزيارتها“.

هذا هو الجواب الذي تلقيته عندما اتصلت بإيمادا ميهو مالكة و ”توجي (رئيسة التخمير)“ في مصنع الساكي ”إيمادا شوزو هونتين“ بهيروشيما في نهاية أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 من أجل زيارة مصنعها الذي ينتج ساكي. وقد نصحتنا بزيارة مكانين. أحدهما كان جسر أوشيبا فوق بحر سيتو الداخلي والذي يصل إلى جزيرة أوشيبا، والآخر كان معبد ساكاكيياما هاتشيمانغو في منطقة أكيتسو بمدينة هيغاشيهيروشيما، حيث يوجد مصنع الجعة.

يتيح جسر أوشيبا إطلالة رائعة على بحر سيتو الداخلي. (© أوكيتا ياسويوكي)
يتيح جسر أوشيبا إطلالة رائعة على بحر سيتو الداخلي. (© أوكيتا ياسويوكي)

كان بإمكاني رؤية سطح البحر الهادئ من فوق الجسر وهو يتراقص مع عدد لا يحصى من بقع الضوء، وفي الخلفية تبدو الجزيرة بلون داكن بدرجات مختلفة من اللون الأزرق. وتبادر إلى ذهني تساؤل إن كان من الممكن أن تتطور شخصية أي امرئ يتربى في مثل هذه المناظر الخلابة، إلى شخصية قلقة ومضطربة.

وجدت في معبد ساكاكيياما تمثالا برونزيا لميؤرا سينزابورو. ولد ميؤرا عام 1874 فيما يعرف الآن بمنطقة ميتسو في أكيتسو، وكان له دور أساسي في تطوير طريقة لتخمير مشروب الساكي عالي الجودة من المياه المحلية عالية العذوبة، وهو الأمر الذي يعتقد الكثيرون أنه مستحيل. وقد شارك طريقته مع مصانع الجعة المحلية، ما ساعد في تحويل هيروشيما إلى مركز مهم لتخمير الساكي، بالإضافة إلى جعل أكيتسو بلدة تشتهر بفنيي توجي المتميزين.

تمتلئ البحار قبالة أكيتسو بمزارع المحار. (© أوكيتا ياسويوكي)
تمتلئ البحار قبالة أكيتسو بمزارع المحار. (© أوكيتا ياسويوكي)

القاعة الرئيسية في ساكاكيياما هاتشيمانغو. يوجد في الجوار معبد مكرس لماتسوؤ-ساما الإله الحارس لتخمير الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)
القاعة الرئيسية في ساكاكيياما هاتشيمانغو. يوجد في الجوار معبد مكرس لماتسوؤ-ساما الإله الحارس لتخمير الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)

تمثال ميؤرا سينزابورو. (© أوكيتا ياسويوكي)
تمثال ميؤرا سينزابورو. (© أوكيتا ياسويوكي)

أتصور أن دافع إيمادا للتوصية بزيارة هذين المكانين كان حتى أتمكن من رؤية ما يكمن في قلب عملية تخمير الساكي وهما: البيئة الطبيعية والناس.

كان ميناء أكيتسو في السابق مركزا رئيسيا لتوزيع الأرز. ثم بدأ الناس في استخدام هذا الأرز لتخمير الساكي كمنتج ذي قيمة أعلى. كان يوجد في المدينة في أوج تألقها نحو 300 توجي، الذين كانوا يسافرون إلى خارج المنطقة المحلية لكسب المال من تخمير الساكي في فصل الشتاء. ولكن حاليا لا يوجد إلا اثنين من التوجي في أكيتسو، وهما إيمادا وتسوكا شوزو.

عندما وصلت إلى مصنع الساكي، خرجت إيمادا للترحيب بي في فناء مركزي ترفرف فيه أقمشة بيضاء كبيرة معلقة لتجف، ولا شك أنها استخدمت في عملية التخمير الصباحية. وقد بدت على محياها ابتسامة مشرقة.

المدخل الرئيسي في مصنع ”إيمادا شوزو هونتين“ مزخرف بـ”سوغيداما (كرة أرز)“، وهي رمز تقليدي لموسم تخمير الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)
المدخل الرئيسي في مصنع ”إيمادا شوزو هونتين“ مزخرف بـ”سوغيداما (كرة أرز)“، وهي رمز تقليدي لموسم تخمير الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)

مدخنة مميزة من الطوب الأحمر، مكتوب عليها العلامة التجارية فوكوتشو. وقد صاغ اسم هذه العلامة ميؤرا سينزابورو. (© أوكيتا ياسويوكي)
مدخنة مميزة من الطوب الأحمر، مكتوب عليها العلامة التجارية فوكوتشو. وقد صاغ اسم هذه العلامة ميؤرا سينزابورو. (© أوكيتا ياسويوكي)

”شيميناوا“ – حبل مجدول من القش يستخدم في الديانة الشينتوية لتطويق المناطق المقدسة – معلق عند مدخل منطقة التخمير، وهو من صنع توجي سابق. كان التوجي من في الأجيال السابق لإيمادا في كثير من الأحيان، أشخاصا يتمتعون بمهارات تتجاوز ما هو أبعد من تخمير الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)
”شيميناوا“ – حبل مجدول من القش يستخدم في الديانة الشينتوية لتطويق المناطق المقدسة – معلق عند مدخل منطقة التخمير، وهو من صنع توجي سابق. كان التوجي من في الأجيال السابق لإيمادا في كثير من الأحيان، أشخاصا يتمتعون بمهارات تتجاوز ما هو أبعد من تخمير الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)

مغادرة المنزل لفهم أفضل

تقول إيمادا ”إن سواحل هيروشيما هي الأكثر عرضة لخطر الكوارث الطبيعية في اليابان“. تغلب على المناظر الطبيعية جبال شديدة الانحدار تمتد مباشرة إلى حافة بحر سيتو الداخلي، والأرض مكونة من الغرانيت بشكل أساسي. ومن المعلوم أن الغرانيت يصبح أسهل تفتتا عند التشبع بالماء، ما يؤدي إلى كوارث متكررة بعد هطول الأمطار الغزيرة. في الواقع، خلال زيارتي الحالية لمصنع الساكي، وجدت أن الطريق لا يزال متضررا في عدة أماكن بعد الفيضان الذي حدث قبل 6 سنوات، ما تطلب مني القيام بتحويلات كبيرة. ولكن هذا التركيب غير المعتاد للأرض هو أحد أسباب المياه العذبة في المنطقة المحلية.

تتمتع جميع أنواع الساكي التي تنضوي تحت علامة فوكوتشو من مصنع ”إيمادا شوزو هونتين“ بخاصية لطيفة ورقيقة مميزة بفضل المياه العذبة في المنطقة. ولكن هناك أيضا جوهر ثابت لهذا اللطف وتعقيد يتجاوز الرقة.

ولدت إيمادا عام 1961، وهي الابنة الكبرى لخمسة أطفال، وتقول إن حلمها كان الالتحاق بجامعة في طوكيو. كان والدها، يوكيناؤ، رئيس الجيل الثالث لمصنع الجعة العائلي الذي تأسس عام 1868. ولكن كانت أعمال تخمير الساكي في حالة ركود رهيب، فقال لأطفاله ”أنتم غير ملزمين بتولي أعمال العائلة من بعدي، فقط ابحثوا عن طريقكم الخاص“.

عندما غادرت إيمادا إلى طوكيو للالتحاق بالجامعة، كانت اليابان في طريقها إلى الصعود في عصر ”اقتصاد الفقاعة“ المفعم بالطاقة. تنظر إيمادا إلى الوراء مستذكرة وتقول إن طوكيو كانت وكأنها جنة بالنسبة لها بعد أن تحررت من التفكير التقليدي في مسقط رأسها. وبعد التخرج حصلت على وظيفة في متجر متعدد الأقسام، ثم عملت مع مجموعة تروج لمسرحيات ”نو“. استمتعت باحتساء المشروبات وتجولت في المدينة بحثا عن مشروبات جيدة. وصادف وجودها أيضا في وقت كانت فيه صناعة الساكي تمر بتغيير هائل.

كان الساكي يصنف قانونيا بموجب نظام من 3 مستويات يسمى ”كيوبيتسو سييدو“ – مكون من 3 تصنيفات أساسية هي النخبة والدرجة الأولى والثانية – ولكن تم التخلي عنه بعد وضع نظام جديد يعتمد على طرق الإنتاج والمكونات، باستخدام أسماء مألوفة الآن مثل ”جونماي“ و ”غينجو“ و ’دايغينجو“ وما إلى ذلك. كما أدت التغييرات في الخدمات اللوجستية إلى إمكانية شحن الساكي الطازج باردا وسريعا. وكان هذا أيضا في أثناء إجراء حكومة رئيس الوزراء كويزومي جونئيتشيرو تغييرات على القانون تهدف إلى إلغاء القيود على مبيعات المشروبات الكحولية في المتاجر الصغيرة، والبدء ببيع مشروبات الساكي منخفضة السعرة المعبأ في علب ورقية. سادت في العاصمة موضة ”جيزاكي (كنوز الساكي المخفية)“ الذي يُخمر في المناطق الريفية في اليابان. وتتالت الموضات مع قيام الحانات بتقديم ما يسمى ساكي تانري كاراكوتشي (الخفيف والجاف) من محافظتي نييغاتا وتوياما، ثم تبعته موضة ساكي نوجون أوماكوتشي (الغني واللذيذ) من ياماغاتا. وسرعان ما أدركت إيمادا مدى تأخر عائلتها الواضح في مجال صناعة الساكي.

وقد شكل انفجار اقتصاد الفقاعة نقطة تحول بالنسبة لها. فقد قررت الانضمام إلى أعمال العائلة، وهكذا تركت وراءها جنة طوكيو وعادت إلى مسقط رأسها في هيروشيما.

وعلى الرغم من اتخاذها ذلك القرار، إلا أن إيمادا تقر بأنها لم تكن تنوي حقا البقاء، وتقول ”في البداية، احتفظت بغرفتي في طوكيو حتى أتمكن من العودة في أي وقت“.

الاقتناع بروح التوجي

على الرغم من أن إيمادا ولدت في مصنع للساكي، إلا أنها لم تكن تعرف شيئا عن التفاصيل الفعلية لهذه المهنة. وبدأت دراسة التقنيات من خلال دورة تدريبية بإشراف مختبر التخمير التابع لوكالة الضرائب في طوكيو، والذي أصبح الآن المعهد القومي لأبحاث التخمير ومقره في هيغاشيهيروشيما. ولكن من الصعب جدا التعامل مع عملية تخمير الساكي عبر دورة تدريبية تستمر لستة أشهر فقط. وتشرح قائلة ”لقد استغرق الأمر أكثر من عشر سنوات لتحضير المشروب الذي أردته“.

وتقول إيمادا إن المعرفة التي قدمها لها كبار مصنعي الساكي أثناء عملها كانت في غاية الأهمية. على سبيل المثال، هناك مشهد في الفيلم الوثائقي لعام 2019 ”كامباي! أخوات الساكي“ من إخراج كونيشي ميراي، تظهر فيه إيمادا وهي تزور بتوتر إيكيدا كينجي أحد مواطني أكيتسو، وهو رئيس توجي في مصنع توساتورو شوزو بمحافظة كوتشي، لتطلب منه أن يدربها. وعلى الرغم من أن الكثير من المناطق تمنع النساء من دخول مصانع تخمير الساكي، إلا أن صانعي الساكي في هيروشيما كانوا جميعا متقبلين لها.

يكون توجي في مصانع الساكي بمثابة المشرف العام الذي لا يتحكم في تخمير الساكي فحسب، بل يساعد أيضا في تخطيط مرافق المصنع وترتيب عمليات توصيل الأرز والطقوس الدينية، وحتى تعيين الموظفين. في ”الأيام الخوالي الرائعة“، كان التوجي يتمتع بنفس القدر من السلطة – أو حتى أكثر – من تلك التي يتمتع بها مالك مصنع الجعة. ولكن ذلك الزمن الجميل قد انقضى مع جيل إيكيدا. وهناك مقولة للتوجي تذكر أنه ”لا يمكنك أبدا أن تجعل الساكي أفضل من شخصية المرء الذي يصنعه“، وقد تعلمت إيمادا روح السعي دائما لتحسين الذات والساكي.

”وأخيرا أخذت قراري النهائي بعد أن رأيت مدى إبداع هؤلاء التوجي“.

هناك قول مأثور آخر في فوكوتشو وهو ”مائة محاولة، ألف تحسين“، والذي يعني تكرار دورة التجربة والخطأ لتسليط الضوء على إمكانات المناخ والمعدات سعيا لإنتاج ساكي أفضل من أي وقت مضى. استوعبت إيمادا هذه الكلمات بكامل كيانها وبدأت في تحسين عملية تخمير الساكي الذي تنتجه.

إيمادا تفحص أرزا مقشورا يدويا. عندما قلت ”يملك صانعو الساكي دائما أياد لطيفة“، أجابت قائلة ”لا يزال هذا هو موسم الدفء“. (© أوكيتا ياسويوكي)
إيمادا تفحص أرزا مقشورا يدويا. عندما قلت ”يملك صانعو الساكي دائما أياد لطيفة“، أجابت قائلة ”لا يزال هذا هو موسم الدفء“. (© أوكيتا ياسويوكي)

إيمادا وأحد موظفيها يحضران أرز كوجي جاهز (أرز مطهو ​​على البخار وعفن كوجي) من غرفة الكوجي، حيث يتم مزج الأرز مع أبواغ العفن الحيوية. تعتبر هذه العملية التي تستغرق 48 ساعة حاسمة بالنسبة لجودة الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)
إيمادا وأحد موظفيها يحضران أرز كوجي جاهز (أرز مطهو ​​على البخار وعفن كوجي) من غرفة الكوجي، حيث يتم مزج الأرز مع أبواغ العفن الحيوية. تعتبر هذه العملية التي تستغرق 48 ساعة حاسمة بالنسبة لجودة الساكي. (© أوكيتا ياسويوكي)

”مورومي (معجون التخمير)“. تستهلك الخميرة السكر وتنتج كحولا وثاني أكسيد الكربون، الذي يتصاعد إلى الأعلى ويصدر صوتا فوّارا يؤشر على أن عملية التخمير تسير على ما يرام. (© أوكيتا ياسويوكي)
”مورومي (معجون التخمير)“. تستهلك الخميرة السكر وتنتج كحولا وثاني أكسيد الكربون، الذي يتصاعد إلى الأعلى ويصدر صوتا فوّارا يؤشر على أن عملية التخمير تسير على ما يرام. (© أوكيتا ياسويوكي)

إحياء صنف غير مستخدم من الأرز

بدأت إيمادا في عام 2014 تشعر أخيرا بالرضا عن تخمير الساكي الذي تنتجه، عندما أدخل المصنع جهازا جديدا لطهي الأرز بالبخار. قد يبدو بالنسبة للشخص العادي وكأنه خزان كبير من الفولاذ المقاوم للصدأ، ولكنه من الواضح جهاز في غاية الأهمية وذو أداء عالٍ. تعتمد عملية تخمير الساكي الجيد على وضع أساس متين من أرز مطهو ​​على البخار بشكل مثالي. وتمكنت إيمادا أخيرا باستخدام هذا الجهاز من طهي الأرز على البخار بالطريقة التي تريدها، مع أخذ في الحسبان تغير الطقس، ما ساعدها على وضع جميع أنواع الأفكار الجديدة موضع التنفيذ.

(يسار) كانت المرة الأولى التي شعرت فيها إيمادا بإحراز تقدم حقيقي في عملية التخمير عندما اشترت جهاز طهي الأرز بالبخار الموجود على اليسار. وتشبه إيمادا أهمية الأرز المطهو ​​على البخار بأهمية التربة في حوض زراعة النباتات. على اليمين، تتفقد إيمادا سير عملية التخمير في الأحواض. عندما يصل التخمير إلى أفضل حالاته، يتعين على المصنع على الفور ضغط الساكي وتعبئته وتعقيمه بالبسترة لضمان بقائه طازجا. (© أوكيتا ياسويوكي)
(يسار) كانت المرة الأولى التي شعرت فيها إيمادا بإحراز تقدم حقيقي في عملية التخمير عندما اشترت جهاز طهي الأرز بالبخار الموجود على اليسار. وتشبه إيمادا أهمية الأرز المطهو ​​على البخار بأهمية التربة في حوض زراعة النباتات. على اليمين، تتفقد إيمادا سير عملية التخمير في الأحواض. عندما يصل التخمير إلى أفضل حالاته، يتعين على المصنع على الفور ضغط الساكي وتعبئته وتعقيمه بالبسترة لضمان بقائه طازجا. (© أوكيتا ياسويوكي)

وبتأمل فترة طويلة تمتد على مدار الثمانين عاما الماضية، نجد أن صناعة الساكي تحولت من عصر التحديث – التنظيم ووضع القواعد في جميع أنحاء القطاع – إلى عصر التنوع وزيادة الفردية والعودة إلى أصول الحرفة. ويسير أحد مشاريع إيمادا وفق هذا النمط من خلال إحياء صنف أرز محلي يسمى هاتّانسو.

هاتّانسو هي سلالة ينحدر منها صنف أرز حديث شهير يستخدم في تخمير الساكي هو هاتّان نيشيكي، ويعتبر الصنف الأقدم من أرز هيروشيما الأصلي المستخدم في التخمير. يصل طول سيقان هذا الأرز لأكثر من 160 سم، وينمو بشكل أفضل في بيئات زراعية على ارتفاعات أعلى. وهذا ما يصعب من عملية زراعته. كما أن غلال محصوله قليلة. ومع إدخال تحسينات زراعية، فقد هذا الصنف شعبيته منذ حوالي 100 عام. ولكن إيمادا حصلت – بمحض صدفة غريبة – على حفنة من بذور هذا الأرز من بنك جيني بالمحافظة. لطالما أرادت إيمادا أن تصنع مشروب ساكي خاصا بالمنطقة، لذلك وضعت خطة لإحياء وزراعة الأرز القديم بالتعاون مع سوغيورا هيروماسا الذي يشغل الآن منصب رئيس الإنتاج، وكان قد درس زراعة الأرز في جامعة كيوتو.

يمكن أن يتجاوز طول أرز هاتّانسو 160 سم .(© كيكوي هيروشي)
يمكن أن يتجاوز طول أرز هاتّانسو 160 سم .(© كيكوي هيروشي)

وبالتعاون مع الجمعية التعاونية الزراعية اليابانية المحلية ومزارعي أرز الساكي، أمضوا ست سنوات في زراعة الأرز حتى أصبح لديهم في النهاية ما يكفي لتحضير خزان واحد من الساكي. يتميز الساكي المصنوع من هاتّانسو بحموضة قوية تظهر في الرشفة الأولى وتستمر حتى النهاية، مع رائحة ريفية تذكرنا بالعشب. وحاليا تبلغ نسبة الساكي المنتج من أرز هاتّانسو في مصنع إيمادا نحو 40%، بما في ذلك منتجها الرئيسي فوكوتشو هاتّانسو جونماي غينجو.

من اليسار: هينبي من سلسلة فوكوتشو هاتّانسو ساتاكي، تظهر كيف تختلف تقنية ثورية جديدة للقشر المسطح للأرز عن التقشير الدائري التقليدي؛ فوكوتشو هاتّانسو جونماي غينجو؛ وفوكوتشو هاتّانسو جونماي كيموتو الهجين. (© أوكيتا ياسويوكي)
من اليسار: هينبي من سلسلة فوكوتشو هاتّانسو ساتاكي، تظهر كيف تختلف تقنية ثورية جديدة للقشر المسطح للأرز عن التقشير الدائري التقليدي؛ فوكوتشو هاتّانسو جونماي غينجو؛ وفوكوتشو هاتّانسو جونماي كيموتو الهجين. (© أوكيتا ياسويوكي)

النضال من أجل التحول إلى العالمية

لا يكمن التحدي الوحيد الذي واجهته إيمادا في إحياء هاتّانسو. فقبل نحو 10 سنوات، طلب منها أحد الطهاة في طوكيو إنتاج ساكي يتناسب بشكل جيد مع المحار، لذلك قامت بتطوير فوكوتشو جونماي للمأكولات البحرية (يباع في الولايات المتحدة تحت اسم ”شاطئ البحر“). يستخدم مزيجا من عفن كوجي: كوجي أصفر يستخدم تقليديا في تخمير الساكي وكوجي أبيض يستخدم عادة في إنتاج المشروب الروحي المقطر شوتشو. ويحظى المنتج بشعبية كبيرة في الخارج أيضا، وبات هذا الساكي هو المصدر الرئيسي للربح في هذا المصنع.

كما أن ساكي كيموتو الهجين له نوع آخر من التفرد لا يعتمد على الأرز أو عفن الكوجي، بل على تعقيد بكتيريا حمض اللبن الطبيعية. تستخدم عملية تخمير كيموتو هذه البكتريا العصوية كجزء من الخطوة الأولى في عملية التخمير، لتكون بادئة التخمير أو موتو، ما يثمر عن نكهات قوية وعميقة، ولكن العملية تتطلب الكثير من المهارة والعمل الجاد، لذلك استبدلت في العصر الحديث إلى حد كبير بأساليب أكثر كفاءة. ولكن لا يزال بعض مصنعي الخمور – مثل إيمادا شوزو – يختارون استخدام الطريقة القديمة بسبب التنوع الأسلوبي الذي تجلبه، مع تجنب مخاطر تلك العملية الدقيقة للتعبير عن كل سحر ونكهات هذا الأسلوب.

واجه مصنع الساكي قبل عامين تحديا آخر، حيث قام بإنتاج مشروب ساكي يتوافق مع قِدر سيتشوان هوغو الساخن. وأثمرت جهود عام من التطوير في إنتاج مشروب ساكي يوازن بدقة بين الحموضة القوية والحلاوة في منتج فوكوتشو تو، ولكن مبيعاته مقتصرة على الصين.

فوكوتشو جونماي للمأكولات البحرية (يسار) وفوكوتشو تو (يمين) مصنوعان ليناسبا قدر سيتشوان الساخن. (© أوكيتا ياسويوكي)
فوكوتشو جونماي للمأكولات البحرية (يسار) وفوكوتشو تو (يمين) مصنوعان ليناسبا قدر سيتشوان الساخن. (© أوكيتا ياسويوكي)

”من وجهة نظر أوسع، أعتقد أن تقديم مجموعة متنوعة من النكهات والأساليب هو الطريقة التي ستتمكن بها صناعة الساكي من البقاء. وبسبب انخفاض استهلاك الشباب للكحول وتراجع عدد السكان، ليس هناك إلا القليل من الأمل في السوق المحلية. ما يعني أن سوقنا يجب أن يكون هو العالم. فكيف يمكننا أن نجعل الناس في كل مكان يشربون الساكي؟“.

في الواقع، إن قيمة مبيعات الساكي آخذة في الانكماش، ولكن عند النظر فقط إلى الصادرات، فإن الأرقام آخذة في الارتفاع خلال العقد الماضي. وفي الوقت نفسه، يوجد الآن أكثر من 60 مصنع ساكي في دول مثل الولايات المتحدة والمكسيك وفرنسا وإسبانيا والنرويج (بما في ذلك شركات يابانية لديها منشآت في الخارج). وهم يطلقون العنان لخيالهم للابتعاد عن الأفكار التقليدية وإنتاج ساكي فريد. وترى إيمادا في ذلك خطر فقدان اليابان لمكانتها باعتبارها الموطن الأصلي للساكي.

وفي حين يبدو أن إيمادا أصبحت وجها لصناعة الساكي، وذلك بعد اختيارها من قبل وسائل إعلام دولية وظهورها في عدة أفلام، إلا أنها لا تظهر أي تعطش لتكون تحت الضوء أو تتكلف بسبب ذلك.

”أصبحت في الآونة الأخيرة أكثر اهتماما بأساليب تخمير الساكي القديمة، مثل استخدام الأرز الأقل تقشيرا، أو إضفاء نكهة الخزانات الخشبية، أو صنع الساكي باستخدام روائح تنتجها عصيات حمض اللبن مثل دوبوروكو (وهو مشروب أرز ريفي مخمر وغير مضغوط ومحلي الصنع)“.

وفي النهاية، من أجل إطلاق إمكانات الساكي كمشروب عالمي، تخطط إيمادا للاستمرار في صنع الساكي بطريقتها الخاصة، والتعبير عن نكهة أكيتسو، ومواصلة دورة ”مائة محاولة، ألف تحسين“.

مصنع إيمادا شوزو هونتين وشوارع أكيتسو. (© أوكيتا ياسويوكي)
مصنع إيمادا شوزو هونتين وشوارع أكيتسو. (© أوكيتا ياسويوكي)

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنجليزية. صورة العنوان: إيمادا تقول ”ما أحبه هو مقدار الجمال الذي يمكن أن أقع في حبه أثناء تخمير الساكي، من أرز طازج مغسول، وبادئة التخمير، والمورومي أثناء التخمير“. © أوكيتا ياسويوكي)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | كيف وصلت إيمادا ميهو إلى العالمية من بوابة ساكي هيروشيما؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا