الارشيف / اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | كيف أسهمت اليابان في إرساء الفكر الذي قام عليه الحزب الشيوعي الصيني وشاركت في تطوير الجيش الصيني

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

يعلم القاصي والدّاني حجم المشاكل والتوترات القائمة بين اليابان والصين، لكن العلاقات بين البلدين لم تكن دوماً بهذا السوء، فعلى سبيل المثال، بعد انتهاء الحرب الصينية اليابانية الأولى كان هناك تبادل في شتى المجالات ومن بينها إرسال الطلبة المبتعثين الصينيين للدراسة في اليابان، وقد نبغوا جميعاً بعد ذلك وتقلدوا مناصب مهمة في بلدهم، وعلى رأسهم تشو إن لاي، أول رئيس وزراء لجمهورية الصين الشعبية والساعد الأيمن للرئيس ماو تسي تونغ. فهل يمكن أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء وتحدث انفراجه في العلاقات بين اليابان والصين؟

كتاب يوثق مرحلة مهمة من العلاقات اليابانية الصينية

يستكشف كتاب تان رومي ”تتبع الثورة الصينية في إمبراطورية طوكيو“ الخلفية وراء شعبية اليابان كوجهة للطلاب الصينيين في أوائل القرن العشرين ويقدم نظرة عن كثب على حياة بعض هؤلاء الطلاب في طوكيو. من بين الشخصيات الوارد ذكرها في الكتاب ليانغ كيتشاو، سون يات سين، تشين توهسيو، تشوان إنلاي، شيانغ كاي شيك، لو شون. ونظراً للحالة الراهنة التي تمر بها العلاقات الصينية اليابانية، فإن السرد يبدو وكأنه في عصر مختلف تماماً.

يعتبر هذا الكتاب توثيقًا للعلاقات الثقافية والتبادل الشخصي بين الصين واليابان في تلك الفترة. يسلط الضوء على تجارب الطلاب الصينيين في طوكيو ويسلط الكتاب الضوء على العديد من الشخصيات التي شاركت في هذه التجارب، مما يقدم للقارئ نظرة فريدة على حياتهم وتفاعلهم مع المجتمع الياباني في ذلك الوقت.

يعكس الكتاب حالة معينة من التاريخ والعلاقات بين الصين واليابان، ومن خلاله يمكن للقارئ أن يدرك الاختلافات والتغيرات التي حدثت على مر العقود في هذه العلاقات.

تقول تان ”العلاقات الصينية اليابانية متوترة في الوقت الحاضر، ويوجد على كل طرف عناصر تنظر إلى الطرف الآخر بعين الشك والعداء، حتى الحوادث البسيطة يمكن أن تثير غضباً غير مبرر، لا شك أن الوضع السياسي بين البلدين كان سيئًا قبل قرن من الزمان أيضًا، لكنه رغم كل شيء كان عصرًا دافئًا عمّت فيه روابط الصداقة بين أبناء الشعبين الياباني والصيني“.

في عام 1896، أي بعد عام من انتهاء الحرب الصينية اليابانية الأولى، أرسلت حكومة تشينغ أول 13 طالبًا للدراسة في اليابان على سبيل التجربة. فلماذا أصبحت اليابان وجهة شعبية للطلاب الصينيين في ذلك الوقت؟

كتاب تان رومي تتبع الثورة الصينية في طوكيو الإمبراطورية
كتاب تان رومي ”تتبع الثورة الصينية في طوكيو الإمبراطورية“. (© هاناي توموكو)

”في عام 1905، ألغت حكومة تشينغ نظام الامتحانات الإمبراطورية وتوقفت عن تعيين موظفي الخدمة المدنية على أساس نمط التعليم القديم. أصبح المؤهل الجديد اللازم للتقدم الوظيفي هو “الاختبار الإمبراطوري على الطراز الغربي”، أو بعبارة أخرى، الدراسة في الخارج. رحل بعض الطلاب إلى أوروبا والولايات المتحدة في البداية، لكن بسبب التحديث الهائل الذي شهدته اليابان بعد عصر ميجي، فقد اختار العديد من الطلاب اليابان كمكان لدراسة الأفكار والأنظمة الحديثة في الغرب. كما ازدادت الرغبة في معرفة أسرار “اليابان القوية”، لا سيما بعد انتصارها في الحرب الروسية اليابانية عام 1905. بالإضافة إلى كل هذا، كانت اليابان رخيصة وقريبة ومريحة للإقامة قصيرة المدى، مما جعلها وجهة مفضلة للطلاب الذين يرغبون في الدراسة في الخارج“.

في عام 1905، استقبلت اليابان 8 آلاف طالب من الخارج. وفي العام التالي، ارتفع هذا العدد إلى حوالي 10 آلاف طالب يعيش حوالي 80% منهم في مدينة طوكيو الحديثة، وخاصة في كاندا وواسيدا وهونغو وما حولها. فأي نوع من الناس كانوا؟

توافد الطلبة على منارة العلم في آسيا

”لقد قدمت حكومة تشينغ والمقاطعات الصينية للطلاب الأكثر تفوقاً منحًا دراسية تغطي دراستهم في اليابان. لكن الطلاب لم يكونوا الفئة الوحيدة من المواطنين الصينيين التي وفدت إلى اليابان. ففي عام 1911، خلال الاضطرابات التي أعقبت ثورة شينهاي، جاءت جميع فئات الناس إلى اليابان، بدءاً من الثوار مثل سون يات سين إلى الشخصيات الهامة مثل كانغ يووي وليانغ كيتشاو، الذين كانوا يعتبروا من الإصلاحيين داخل مؤسسة تشينغ. وأصبحت اليابان بوتقة ينصهر فيها الشعب الصيني المنشغل بالسعي وراء مجموعة متنوعة من الأنشطة والأهداف.“

بدأ الطلاب الدوليون إقامتهم بالتسجيل في إحدى مدارس تعليم اللغة اليابانية، وكانت هناك مدرستان جديرتان بالملاحظة.

”أحدها كانت كوبون غاكوين التي تأسست في عام 1902. في ذلك الوقت، كان سايونجي كينموتشي وزيرًا للشؤون الخارجية والتعليم، وقد طلب من صديقه كانو جيغورو، الذي كان حينها مديرًا لمدرسة طوكيو العليا العادية، أن يقوم بتأسيس المدرسة بناءً على طلب من حكومة تشينغ. ولكن بعد ذلك سقطت إمبراطورية تشينغ وأُغلقت المدرسة في عام 1909.

حلّت محلها مدرسة شرق آسيا الإعدادية العليا التي تأسست على يد ماتسوموتو كاميجيرو، المدرس السابق في مدرسة كوبون غاكوين، وصديقه الصيني، وسرعان ما اتسع نطاق المدرسة حيث وجدوا داعمين في القطاع المالي، بما في ذلك شخصيات مثل شيبوساوا إيتشي. كانت هذه هي المدرسة التي التحق بها والدي بعد وصوله من قوانغدونغ. ووفقا لكلامه، فقد كان هناك ما بين ألف وألفي طالب مسجلين في المدرسة”.

مشقة كبيرة في سبيل تحصيل العلم

قليل من الناس اليوم يعرفون أن تشو إن لاي، أول رئيس وزراء لجمهورية الصين الشعبية والساعد الأيمن للرئيس ماو تسي تونغ، درس أيضًا في اليابان.

عندما قامت اليابان والصين بتطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما في سبتمبر/ أيلول 1972، تم إجراء المفاوضات بين رئيس الوزراء تشو إن لاي (على اليسار) ورئيس الوزراء تاناكا كاكوي (على اليمين). (© وكالة أخبار كيودو)
عندما قامت اليابان والصين بتطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما في سبتمبر/ أيلول 1972، تم إجراء المفاوضات بين رئيس الوزراء تشو إن لاي (على اليسار) ورئيس الوزراء تاناكا كاكوي (على اليمين). (© وكالة أخبار كيودو)

”لم تكن طفولة تشو إن لاي سعيدة، حيث توفي والده وهو صغير وقام عمه بتربيته وسط مشقة كبيرة. بعد تخرجه من مدرسة إرسالية في تيانجين بدرجات رائعة، أبحر إلى اليابان في عام 1917 وبدأ دراسته هناك في مدرسة شرق آسيا الإعدادية العليا، لكنه كان بالفعل يجيد اللغة اليابانية لدرجة أن المنهج الدراسي هناك لم يكن مفيداً له على الإطلاق مما أدى إلى استنزاف حماسه. لقد كان شغفه الحقيقي هو السياسة.

”في نهاية المطاف، نفدت أموال المنح الدراسية الخاصة بتشو، وبدأ في التنقل بين المنازل، والإقامة مع صديق تلو الآخر. وفي عام 1918، عاد إلى الصين وسط عودة جماعية للطلاب الأجانب احتجاجًا على التدخل العسكري الياباني في سيبيريا خلال الثورة الروسية. لقد كانت الدراسة في جامعة كيوتو حلمه، حتى أنه قدم طلبًا رسميًا للدراسة هناك قبل أن يسحبه لاحقًا، ولا تزال جامعة كيوتو تحتفظ بهذا الطلب في أرشيفها. على أية حال، قبل عودته إلى الصين مباشرة، زار أراشيياما في كيوتو، بل وكتب قصيدة عن ألم الفراق بعنوان “أراشيياما تحت المطر”وبدا محطماً حقاً لمغادرة اليابان. جدير بالذكر أن تلك القصيدة تم نقشها لاحقًا على نصب تذكاري في حديقة كامياما، بمدينة أراشيياما، ولا يزال قائمًا حتى يومنا هذا“.

لكن ماذا تعلم كل هؤلاء الطلاب في اليابان، وماذا أخذوا معهم إلى وطنهم؟

”لقد درسوا الأفكار الغربية التي دخلت اليابان، وقدموا ترجمات صينية للعديد من الكتب الأوروبية والأمريكية المتاحة باللغة اليابانية، وأخذوا ما تعلموه إلى الصين. قام تشين توهسيو، المؤسس المشارك للحزب الشيوعي الصيني، بزيارة اليابان خمس مرات على الأقل وتم تسجيله في كوبون غاكوين لفترة من الوقت، ولكن هدفه الحقيقي كان استيعاب المعرفة التي تزخر بها كاندا، أكبر منطقة لبيع الكتب في اليابان. وعندما رأى عدد المجلات التي يتم نشرها في اليابان والتي تقدم أفكارًا جديدة، خطرت له فكرة إنشاء مجلة خاصة به للترويج لآرائه. فقام بعد عودته إلى شنغهاي، بإصدار مجلة الشباب الجديد التي كانت واحدة من أهم المجلات في تاريخ الصين الحديث، ويمكن القول إن تشين أسسها بسبب زياراته المتكررة إلى كاندا باعتبارها ينبوعًا للمعرفة. وإلى جانب مجلة الشباب الجديد، سيتم نشر أكثر من 120 كتابًا مترجمًا من اليابانية إلى الصينية في شنغهاي خلال عشرينيات القرن العشرين“.

تعلم فنون الحرب من الجيش الياباني

العديد من عمالقة التاريخ الصيني الحديث درسوا في اليابان، ويتم التعريف ببعضهم أدناه. حتى أن بعض الأشخاص الذين كانوا عناصر رئيسية في ثورة شينهاي أمضوا وقتًا في الدراسة في اليابان.

”كان سون يات سين، الملقب بـ “أبو الثورة” و“أبو الأمة”، النجم الأكبر لثورة شينهاي، لكن العديد من الشخصيات القوية الأخرى لعبت أدوارًا داعمة. وكان أحد هؤلاء سونغ جياورين، الذي التحق بالأكاديمية التحضيرية بجامعة واسيدا. كان سونغ قارئًا نهمًا وطالبًا مجتهدًا وأصبح خبيرًا في القانون. بعد الثورة، قام بصياغة الدستور المؤقت لجمهورية الصين، وهو أول دستور في تاريخ الصين، وأنشأ جمعية وطنية ذات مجلسين، وقاد حزب الكومينتانغ للسيطرة على كلا المجلسين بعد الانتخابات الأولى للجمعية الوطنية. لكن في عام 1916، تم اغتياله بأمر من يوان شيكاي الذي أراد أن يحكم كديكتاتور“.

أما شيانغ كاي شيك، الذي كان رئيسًا لجمهورية الصين لفترة في عشرينيات القرن الماضي وحكم تايوان بعد الحرب العالمية الثانية، فقد درس الشؤون العسكرية في اليابان.

”جاء شيانغ كاي شيك إلى اليابان لأول مرة في عام 1906 عندما كان عمره 19 عامًا. أراد أن يصبح رجلاً عسكريًا، لذلك فقد التحق بمدرسة شينبو في شينجوكو عام 1908، وهي مدرسة تابعة للجيش الياباني يدرس فيها الطلاب القادمون من تشينغ بالصين. تخرّج شيانغ بعد ثلاث سنوات وتم تعيينه في الفرقة 13 بالجيش، التي كان يقودها ناغاوكا غايشي ومقرها في محافظة نيغاتا، كجندي من الدرجة الثانية في فوج المدفعية التاسع عشر. كان العمل هناك شاقاً للغاية لكن هذا لم يزعج تشيانغ أبدًا. تم تكليفه برعاية الخيول، وكان يقوم في الصباح الباكر للقيام بتلك المهمة دون شكوى. أثناء النهار، كان يؤدي تدريبات السير حاملاً المعدات الثقيلة، وفي الليل كان ينظف مسكنه ويغسل زي ضابطه القائد. قام بتدوين ملاحظات مفصلة عن التدريبات التي كان يؤديها. وعندما اندلعت الانتفاضة العسكرية لثورة شينهاي، سارع بالعودة إلى الصين، لكنه استخدم تعليمه العسكري على الوجه الأمثل لاحقًا في أكاديمية وامبوا العسكرية عندما تم تعيينه قائدًا لها. لم يكن هناك من هو معجب بالجيش الياباني أكثر من تشيانغ كاي شيك، ولم يأخذ أحد على عاتقه مهمة تقديم الأساليب التعليمية والتدريبية الخاصة بالجيش الياباني إلى الصين كما فعل شيانغ كاي شيك“.

الاشتراكية تغزو العالم

تأسس الحزب الشيوعي الصيني في عام 1921. ومن بين أعضائه المؤسسين الثلاثة عشر، درس أربعة منهم في اليابان.

”في ذلك الوقت، وصل الطلاب وهم لا يعرفون ما هي الاشتراكية، لذلك بدأوا بالدراسات الأكاديمية. كان لي هانجون أحد التلاميذ المتحمسين بشكل خاص. واشتهر حتى في اليابان باعتباره أحد أبرز الاشتراكيين الصينيين، وقد عُقد المؤتمر الوطني الأول للحزب الشيوعي الصيني في منزله في شنغهاي الذي تم تحويله لاحقاً إلى متحف. كان الفكر الاشتراكي في صعود حول العالم في ذلك الوقت، وقد استوعبه الدارسون في اليابان وعادوا إلى الصين محمّلين بما تعلموه من أفكار. ويمكن القول إن المعرفة التي حصلوا عليها في اليابان كانت الأساس الذي قام عليه الحزب الشيوعي الصيني“.

قدمت محاضرة تان بعض أعضاء الحزب ممن لديهم أفكار إيجابية تجاه اليابان.

”كان تشين ريكسين [المعروف أيضًا باسم تشين تاو] طالبًا لامعًا درس في كلية الاقتصاد بجامعة كيئو، وقاد تجمع الطلاب الصينيين في اليابان، الذي دعم ثورة شينهاي، ثم انضم إلى الحزب الشيوعي الصيني في عام 1925 بعد عودته إلى الصين. وفي جمهورية الصين الشعبية حديثة النشأة، تم تعيينه في وزارة الصناعة والتجارة، حيث كان يقوم بتجميع الإحصاءات الاقتصادية.

في وقت لاحق من حياته، أصبح تشين أستاذا في جامعة الأعمال الدولية والاقتصاد في بكين، حيث نشر أول قاموس صيني ياباني في البلاد وأصبح شخصية بارزة في مجال تدريس اللغة اليابانية. كانت زوجته أستاذة في جامعة بكين ودرست في نارا، وكان الاثنان من محبي اليابان. لكنه صُدم بشدة من حملة القمع ضد الطلاب خلال حادثة ميدان تيانانمن، التي وقعت عندما كان عمره 90 عامًا، لدرجة أنه أصيب بنوبة قلبية وتُوفي. ولم ينس أبدًا ما تعلمه في اليابان، ويُنسب إليه قوله إن ذلك قد حدد مسار حياته بأكملها.

اختتمت تان خطابها بدعوة لتكريم التاريخ الذي يستكشفه كتابها.

”لقد كان هناك أشخاص في ذلك العصر درسوا في اليابان، وحصلوا على دعم اليابان، وسعوا جاهدين لإفادة الصين بما تعلموه. أريد تخليد المعرفة والأحداث المتعلقة بتلك اللحظة التاريخية في اليابان أيضًا“.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: تان رومي. © هاناي توموكو)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | كيف أسهمت اليابان في إرساء الفكر الذي قام عليه الحزب الشيوعي الصيني وشاركت في تطوير الجيش الصيني لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا