الارشيف / اخبار الخليج / اخبار الإمارات

الامارات | عواطف أبوية تقود أصحابها إلى المحاكم بتهمة التحرش بالأطفال «دون قصد»

شكرا لقرائتكم خبر عن عواطف أبوية تقود أصحابها إلى المحاكم بتهمة بالأطفال «دون قصد» والان نبدء بالتفاصيل

الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - «لم أقصد التحرش بها سيدي، إنها في عمر ابنتي، وهذه هي صورة ابنتي»، بهذه العبارة بدأ (م.ش - بائع آسيوي - 38 عاماً)، دفاعه عن نفسه أمام النيابة العامة في دبي ومحكمة الجنايات، من تهمة ارتكاب جناية هتك عرض طفلة خليجية تبلغ من العمر خمس سنوات، بتقبيلها على خدها، والقضية لاتزال منظورة أمام المحكمة، لكن القضاء برّأ، أخيراً، أكثر من متهم في قضايا مماثلة، من بينهم عامل آسيوي، وأخصائي اجتماعي، وسائق اتهمته الأسرة بهتك عرض طفلتها.

متهمون كثيرون في قضايا تحرش بالأطفال، خصوصاً دون سن التمييز، في الخامسة والسادسة من أعمارهم، يؤكدون أنهم لم يتعمدوا ذلك، وأسيء فهمهم من قبل الأسرة، وهو ما يمثل شعرة بين حسن النية، والعاطفة الصادقة، وبين الجريمة.

مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، يؤكد لـ«الإمارات اليوم» أن تسجيل بلاغ ضد متهم بالتحرش بالأطفال لا يتم اعتباطاً، بل يعتمد على جملة من الأسباب، منها ملابسات الواقعة ومكانها، وما إذا كان هناك شهود من عدمه، مشيراً إلى أن هناك أشخاصاً يتصرفون مع الأطفال بوازع إنساني، ولا يجب أن يساء فهم ذلك من قبل الأسر. ويقول رئيس المحكمة المدنية بمحاكم دبي الرئيس السابق للمحكمة الجزائية، القاضي أحمد سيف: «تختلف كل قضية بحسب ملابساتها وظروف وقوعها، وسجل المتهم ذاته، فالمحكمة تراعي كل هذه الجوانب قبل الحكم، لكن على أي حال يجب أن يبعد الشخص عن الشبهات، ولا يتعامل بتودد مبالغ فيه مع طفل غريب، لأن قبول ذلك من عدمه يعتمد على ثقافة ذوي الطفل، وربما تكون العواقب وخيمة حتى لو كان التصرف بحسن نية».


نظرت محاكم الدولة قضايا تحرش بالأطفال، أنكر المتهمون فيها تعمدهم ارتكابها، ومنها قضية تنظرها محكمة الجنايات في دبي حالياً، لبائع يبلغ من العمر 38 عاماً، يدعي (م.ش)، متهم بهتك عرض طفلة في الخامسة من عمرها بالإكراه بتقبيلها على خدها.

وقال والد الطفلة إن الخادمة طلبت من زوجته عدم إرسال ابنته بمفردها إلى البقالة، لاشتباهها في سلوك المتهم مع الطفلة، فتجاوز عن الموقف لظنه أنها أساءت الفهم، لكن بعد أيام ذهبت ابنته برفقة الخادمة إلى المتجر وعادت تبكي بحرارة، فسألها عن السبب فأخبرته بأنه رفض بيعها الحلوى على الرغم من أن الخادمة اشترت أغراضاً أخرى، كما أخبرته ابنته بأن المتهم يدأب على حملها وإجلاسها على الطاولة وتقبيلها، والتقاط صور لها بهاتفه، وهو الأمر الذي يزعجها لكنها كانت تتجاوز عنه مقابل شراء الحلويات.

وأضاف أنه سأل الخادمة عن ذلك فأخبرته بأن كلام الطفلة صحيح، وأنها غير مرتاحة لتصرفات الرجل، إذ يحملها ويقبلها، فاتصل بالشرطة التي حضرت إلى المكان وألقت القبض عليه.

من جهته، قال شاهد من شرطة دبي إنه انتقل إلى موقع البلاغ، ودوّن إفادة الشهود، ثم ألقى القبض على المتهم الذي اعترف بتقبيل الطفلة، وتصويرها حين تأتي إليه في المتجر، لكنه أنكر تعمده التحرش بها، وأفاد بأنها تشبه ابنته، ويشعر بحنين كلما شاهد المجني عليها.

وبرّأت محكمة الجنايات في دبي، أخيراً، بائعاً في أحد أجنحة القرية العالمية، لحديثه بودّ مبالغ فيه مع طفلة، ولمسه يدها بطريقة رأت أنها غير مناسبة، وبعد القبض عليه وإحالته إلى النيابة العامة والمحكمة، أكد أنه لم يتعمّد تحسس يدها بطريقة سيئة، وربما أخطاً في إظهار عاطفته نحوها.

كما برّأت محكمة رأس الخيمة رجلاً من تهمة هتك عرض طفلة، بعد أن أيقنت من انتفاء أركان الجريمة، وعدم ثبوت دليل قطعي ضد المتهم.

وقال مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، لـ«الإمارات اليوم» إنه يجب التفريق بين العطف الأبوي، والتصرف بطريقة غير سوية من قبل شخص مريض ومختل، مؤكداً أن الشرطة تنظر إلى جملة من الملابسات قبل تسجيل بلاغ جنائي ضد شخص متهم بالتحرش بطفل أو طفلة، منها ظروف الواقعة والمكان الذي حدثت به، فالأمر يختلف من مكان عام إلى خاص، بالإضافة إلى السجل الجنائي للشخص ذاته، وإفادات الشهود وما إذا كانت الواقعة موثقة بالكاميرات من عدمه.

وأضاف أن هناك حالات تقع بمحض المصادفة، أو بحكم طبيعة الشخص، فسائقو الحافلات المدرسية، مثلاً، ربما يتصرفون بنوع من العاطفة مع طفل يبكي أو يمرّ بموقف صعب، فيربت السائق على رأسه لتهدئته، وكذلك مشرفو الحافلات أو المدرسون، وفي هذه الحالة يجب أن تتريث الأسر قبل أن تتخذ إجراء تصعيدياً، وتتفهم تصرفات الشخص، وتثق تماماً أن من المستحيل أن يمرّ الأمر مرور الكرام من قبل الشرطة لو أيقنت أن هناك أذى لحق بالطفل.

وأشار إلى أن هناك تصرفات مقبولة في المجتمع الإماراتي من منطلق أنه مجتمع ودود ومترابط، فمن الوارد أن يتعامل الشخص البالغ مع الطفل باعتباره ابنه أو ابنته، وهذه سلوكيات غير منفرة، طالما حدثت في ظروف ملائمة وثبت بالدليل القطعي أن نية الشخص سليمة.

وناشد الأسر عدم تخويف أطفالها أو المبالغة في تحذيرها، والاستعاضة عن ذلك بمراقبتهم وعدم تركهم يبتعدون بمفردهم، لأن بعض تصرفات الأسر تنعكس سلباً على الطفل، وتجرح مشاعره وتصيبه بالتوتر والخوف الدائمين، مؤكداً أن هناك كاميرات في كل مكان الآن، ولدى أجهزة الشرطة الإمكانات التي تساعدها على التمييز بين التصرف حسن النية والسلوك غير السوي.

من جهته، قال رئيس المحكمة المدنية في دبي، القاضي أحمد سيف، إن هذا الجانب حساس إلى حد كبير، وهناك أمور يجب الانتباه إليها ومراعاتها، أهمها على الإطلاق اختلاف الثقافات، فما هو مقبول من مواطن إماراتي أو عربي ربما لا يكون مقبولاً من الأجانب، في ما يتعلق بالأطفال، لأن الأخيرين أكثر حساسية تجاه الغرباء، ربما لظروف مرتبطة ببلادهم. وأضاف أن هناك جوانب يتم النظر إليها من قبل المحكمة في هذا النوع من القضايا، ترتبط بملابسات الواقعة والسجل الجنائي للمتهم، لافتاً إلى أن هناك حالات لا يمكن اعتبارها تحرشاً، حتى لو أساءت الأسرة فهمها، مثل أن يرى الشخص طفلاً تائهاً يبكي في مكان عام، فيحاول تهدئته وتوصيله إلى رجال الأمن، فيظهر والده، أو والدته، بالمصادفة ويظن أن الشخص يستغل الطفل، وفي هذه الحالة تدرس المحكمة الواقعة وتدرك من ملابساتها أن الشخص حسن النية.

وفي المقابل، إذا اصطحب الشخص نفسه الطفل إلى وجهة أخرى غير رجال الأمن، كأن يصطحبه إلى منطقة الحمامات أو ركن منزوٍ، ففي هذه الحالة يضع نفسه في الشبهات ولا يمكن تفسير موقفه بحسن نية.

وأوضح سيف أن هناك إجراءات واضحة تتخذها الجهات المعنية في هذه الحالات، فالشرطة تسجل بلاغاً إذا رأت شبهة جنائية، كما أنها تستأنس برأي النيابة العامة، مؤكداً أن الدولة حرصت كل الحرص على توفير الحماية للطفل، لكن وفق إجراءات واضحة لا تحتمل الخطأ. وأكد ضرورة الابتعاد عن الشبهات لكي لا يتعرض الشخص إلى ما لا يحمد عقباه، حتى لو كان حسن النية، لأن هناك آباء لا يتقبلون مجرد الابتسامة، ويعتبرونها انعكاساً لنية سيئة، لذا لا يجب المبالغة في التودد لطفل غريب، إلا إذا كان ذلك في إطار أسري، كأن يوجد الشخص مع زوجته وأطفاله ويمازحون جميعاً طفلاً، ففي هذه الحالة يختلف الظرف، ولا يمكن أن يكون محل اشتباه.

ويقول المحامي، محمد العوامي المنصوري، إنه تعامل مع قضايا عدة احتملت الظروف ذاتها، منها قضية حصل فيها موكله على البراءة، لكنه في النهاية مرّ بظروف صعبة شملت ضبطه وإحالته إلى القضاء، بسبب تصرف حسن النية أساءت أسرة طفل تفسيره.

ويضيف أن القاضي هو صاحب الولاية ويعتمد حكمه في الواقعة على تقديره وقناعته، اللذين يُبنيان على الملابسات والظروف، وهناك فارق كبير بين المزاح والعطف وبين التحرش وسوء النية، لكن في النهاية لا يمكن التساهل ضد أي تصرفات تتعلق بالأطفال لأن أصابع اليد ليست واحدة، وهناك غير السوي المختل، كما أن هناك حَسن النية البريء. وأكد المنصوري ضرورة أن يدرك الجميع أن الإبعاد وجوبي في قضايا هتك العرض، حتى لو كان الحكم حبس يوم واحد، أو غرامة 100 درهم، لذا يجب الابتعاد عن الشبهات، فالبعض يتعامل بحساسية مفرطة في ما يتعلق بأطفاله، بل إن هناك حالات يتعرض فيها المتهم ذاته لنوع من الابتزاز حتى يتنازل المدعي عن الدعوى، لافتاً إلى أن هناك قضايا يدرك والد الطفل، أو والدته، أن الشخص الذي يتهمه بريء، لكنه يرفض التنازل دون مقابل.

وأشار إلى أن الأوضاع تغيرت الآن، إلى حد كبير، في ما يتعلق بملابسات حالات التحرش بالأطفال، فالمصاعد والبقالات صارت مغطاة بكاميرات، وهي أماكن كانت مسرحاً لتلك الجرائم في السابق، وبقي فقط أن ينتبه الآباء إلى أبنائهم في مناطق الألعاب والتجمعات، حماية لهم من ذوي النفوس المريضة.

وأوضح المنصوري أن إحدى القضايا التي تناولها لشخص ارتكب حماقة غير مقصودة، وهي التودد بشكل مبالغ فيه لطفلة في السادسة لأنها تشبه ابنته، والمشكلة في هذه الحالة أن الطفلة ذاتها أساءت فهمه وشعرت بالخوف لأنه غريب عنها، فأخبرت ذويها الذين حركوا دعوى ضده، وثبتت براءة الرجل لاحقاً، لكن تصرفه في النهاية كان غير محسوب.

وعزا تحريك دعاوي لا تستحق إلى اختلاف الثقافات والعرف، فهناك نحو 200 جنسية تقيم في الدولة، وما هو مقبول لدى إحداها غير مقبول لدى الأخرى، وما نعتاد عليه في بلادنا من الرفق بالأطفال وممازحتهم، يفسره آخرون بطريقة خاطئة، لذا من الأفضل الحذر والتصرف بأسلوب لائق ومحسوب.

متهمون يؤكدون أنهم لم يتعمدوا التحرش، وأسيء فهمهم من قبل الأسرة.

أجهزة الشرطة لديها إمكانات التمييز بين التصرف حسن النية والسلوك غير السوي.

طفلة شعرت بالخوف، وأساءت فهم تودّد متهم بشكل مبالَغ فيه لأنها تشبه ابنته.


مبالغة في تخويف الأطفال

 يعقوب الحمادي من المصدر

قال المرشد الأكاديمي والمهني في مدرسة «تريم عمران تريم»، يعقوب محمد الحمادي، إنه من السهل تمييز طبيعة التصرف المرتكَب بحق الطفل، من خلال لغة جسد الشخص الذي يفعل ذلك، فهناك مناطق في جسده لا يمكن تفسيرها بحسن نية إذا لمسها شخص غريب، كما أن طبيعة نظرته إلى الطفل، وتودده إليه تفرق إلى حد كبير، وربما تكون عادة الكثيرين، خصوصاً العرب، ممازحة الأطفال أو اللعب معهم حتى لو كانوا غريبين، وهذا يُفسر أحياناً بشكل خاطئ، وأضاف أن الجانب الأكثر أهمية هو رد فعل الطفل ذاته، فبعض الأسر تبالغ في تخويف أبنائها، ما يجعلهم متوجسين خيفة، ويتصرفون بنوع من التوتر مع الغرباء، فيفسرون أي تصرف بطريقة خاطئة، وينقلون لذويهم ما حدث بطريقة ربما تكون مختلفة عن الواقع، مؤكداً أهمية التصرف بشكل متوازن، وعدم الإفراط في اتهام الآخرين دون التيقن من سوء نية الشخص وخطأ تصرفه. وحول طبيعة هذه الحالات في المدارس، أوضح الحمادي أن بعض الأطفال الصغار ربما يرتكبون تصرفات غير مقصودة بحق زملائهم، على سبيل تقليد مشهد رأوه أو موقف لأحد أقاربهم البالغين، لكن هذه التصرفات لا يمكن تجريمها أو المبالغة في التخوف منها، لأنها تكون غير مفهومة أو مقصودة.

Share
طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest جوجل + Whats App
Advertisements

قد تقرأ أيضا