منذ العام 2011، تاريخ بدء الأزمة السورية وتوافد الأعداد الهائلة من النازحين إلى لبنان، ونحن نسمع "المعزوفة" نفسها: أنهم مضطرون وعلينا كشعب لبناني أن نتحمّل شعب بلد جار يمرّ في أزمة... مرّت السنون والأعداد تتضاعف، فانعكست أزمة سوريا على لبنان بشكل كبير وعلى اقتصاده بشكل أساسي.

عندما تقصد مخيمات النازحين السوريين في أي منطقة، خصوصاً في زحلة، قد تتفاجأ، فيوم زرتها كانت الصورة لدي بأنني سأجد أشخاصاً يعيشون في خيم والعائلة تتقاسم المتر المربع الواحد في بعض الأحيان، لكن الحقيقة لا... ليس الوضع هكذا أبداً، فقد تفاجأت برؤية مساحة سكنية واسعة هي أشبه بالمدينة، فيها مجموعة "هنغارات" متلاصقة، والواحدة منها لا تقلّ مساحتها عن بضعة أمتار، هي مجموعة منازل فيها غرف نوم وغرفة جلوس وغيرهم...

المجتمع اللبناني الذي دخل في الإنهيار يعاني، بينما النازح السوري تؤمن له المنظمات الدولية كل شيء من المأكل إلى المشرب، فالتعليم والطبابة والتدفئة، فلماذا يغادر للعودة إلى بلاده؟ وهذا المشهد يترافق اليوم مع كلام حول تقرير سيصدر عن البنك الدولي، يتطرق خلاله إلى مبلغ كبير يصل إلى حدّ 100 مليار دولار. بحسب ما تشير مصادر مطلعة، لافتة إلى أن "هناك محاولات لتخفيض الرقم ليصل إلى 80 مليار دولار، منذ بدء الأزمة حتّى اليوم".

"إذا قمنا بحسابات بسيطة، فمنذ عام 2011 وبحلول نهاية العام، سيكون كلفة النزوح السوري على لبنان 63 مليار دولار". هذا ما يشير اليه الخبير الاقتصادي ميشال فياض، لافتاً إلى أن "جو فضّول، رئيس شركة استشارات في الجبايات المباشرة وغير المباشرة، قدّم لمجلس الشيوخ الفرنسي، في العام 2005، دراسة أشار فيها إلى أن كلفة أعباء الوجود السوري في لبنان، بين عامي 1990 و2005، بلغت 30 مليار دولار، واذا اضفنا إلى هذا الرقم تكلفة النزوح السوري على الاقتصاد اللبناني، والتي بلغت 63 مليار دولار، قد نصل إلى 100 مليار دولار".

وبعد هذا كلّه أتت "رشوة المليار يورو" من الاتحاد الاوروبي، أو ما أسمته رئيسة المفوضية الأوروبية "هِبة"، وهي في الحقيقة مجموعة أموال متراكمة استجمعتها المفوضية لتدفعها في مبلغ المليار يورو. وهنا تعود مصادر مطلعة لتسأل "كم سيتحمّل لبنان، إزاء ما سيحصل عليه هذا إذا حصل عليه"، مشيرة إلى أنه "بلجوئه إلى إعتماد أساليب أخرى بالمفاوضات، قد يربح أكثر ويخفّف عنه مزيداً من الأعباء المتراكمة".

لا يزال "الكباش" السياسي في ملف النزوح قائماً والأنظار تتجه إلى جلسة مجلس النواب المخصّصة للبحث في هذا الملف، فهل يتم فيها وضع خريطة طريق للحكومة للعمل على انقاذ لبنان من "أفخاخ" مؤتمر القمة العربية ومؤتمر بروكسيل حيث ستمثّل حكومة تصريف الأعمال لبنان، أم ستكون مجرّد جلسة "فوفاش وجعجعة" حيث من المتوقّع الاّ ينتج عنها أيّ شيء؟.