الارشيف / اخبار العالم

تحوط استراتيجى وتنويع فعال.. رؤية مستدامة لميزانية سلطنة عمان 2024

  • 1/2
  • 2/2

ياسر رشاد - القاهرة - كشفت وزارة المالية بسلطنة عمان عن الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2024م بإيرادات عامة بلغت 11 مليارا و10 ملايين ريال عمانى، وذلك على أساس متوسط سعر برميل النفط بمقدار 60 دولاراً أمريكياً، حيث تشكل إيرادات النفط ما نسبته 54% من إجمالى الإيرادات، بينما تبلغ مساهمة قطاع الغاز نسبة 14%، فى حين تمثل الإيرادات غير النفطية ما نسبته 32% من جملة الإيرادات العامة.

أكد سلطان بن سالم الحبسى، وزير المالية العمانى، أنه تم اعتماد سعر برميل النفط بقيمة 60 دولارا فى الميزانية العامة للدولة للعام الجارى، وذلك كإجراء تحوط لتقلبات الأسعار العالمية، ويأتى هذا أيضاً فى ظل تقديرات منظمات دولية التى أشارت إلى أن أدنى سعر النفط قد يصل إلى 79 دولارا للبرميل خلال عام 2024م، مؤكداً أن سلطنة عمان ملتزمة بقرارات أوبك بلس حيث تم خفض الإنتاج إلى مليون و31 ألف برميل يومياً فى ميزانية العام الجارى.

تحسين بيئة الأعمال وتوسيع مشاركة القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية،

كما أكد وزير المالية أن حجم الإنفـاق العـام المقدر للســنـة الماليـة 2024م نحو 11,650 مليار ريال عمانى، مقابل 11,282 متوقع فى ميزانية عام 2023م. وأشار إلى أن الميزانية العامة تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتوسيع مشاركة القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى دعم الجانب الاجتماعى من خلال تمكين صندوق الحماية الاجتماعية من القيام بدوره إلمامول ليكون مظلة للمبادرات الرامية إلى رفع مستوى التغطية التأمينية والحماية الاجتماعية للمواطنين، وكذلك الحفاظ على مستوى الإنفاق فى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان.

وفيما يتعلق بالاحتياجات التمويلية للسنة المالية 2024م على أساس سعر النفط المعتمد فى الميزانية، فإن جملة الاحتياجات التمويلية سوف تبلغ 2,2 مليار ريال عمانى متضمنة العجز المذكور بمبلغ 640 مليون ريال عمانى، إضافة إلى أقساط القروض المتوقع سدادها خلال العام بإجمالى مبلغ 1,6 مليار ريال عمانى.

انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى

أوضح وزير المالية العمانى أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى بلغ نحو 35% منخفضة بمعدل 50% بنهاية 2023 عن النسبة التى وصلت إليها فى ذروتها فى عام 2020م والبالغة نحو 70% من الناتج المحلى الإجمالى، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا توجيهات والتأكيد المستمر من جانب السلطان هيثم بن طارق، للاستفادة القصوى من أى زيادة تطرأ فى أسعار النفط عن السعر المعتمد فى الميزانية العامة، وكذلك الالتزام التام بالإنفاق كما هو مخطط له دون تأثير على القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، إذ تم استغلال الفوائض المالية التى تحققت نتيجة ارتفاع أسعار النفط لتنفيذ خطة محكمة تم بموجبها سداد النسبة الكبيرة من الديون، إضافة إلى تنفيذ عدد من المشاريع التنموية المؤجلة.

وقد انعكس ذلك على مشاريع الخطة الخمسية العاشرة التى ارتفعت التزاماتها من 5 مليارات ريال عمانى كما كان فى بدايتها إلى ما يزيد على 8 مليارات ريال عمانى بنهاية عام 2023م، مع إعطاء الأولوية للمشاريع ذات البعد الاجتماعى مثل مشاريع التعليم والصحة والإسكان الاجتماعى، وقد بلغ إجمالى المبالغ المعتمدة لهذه القطاعات فى ميزانية عام 2024 نحو 4,635 مليار ريال عمانى ويمثل نسبة 40% من إجمالى الإنفاق.

دعم قطاعات التنويع الاقتصادى

وأكد وزير المالية إنه تحقيقاً لأهداف الخطة الخمسية العاشرة وصولاً إلى تحقيق رؤية عمان 2040، وفى إطار سياسة دعم قطاعات التنويع الاقتصادى وبالأخص تشجيع إقامة المشاريع التى تسهم فى هذا التنويع مع ربط ذلك بمشاريع تنمية المحافظات، وإيجاد الحلول التمويلية لها، فقد تم توفير الاعتمادات المالية كالآتى: رفع رأسمال بنك التنمية إلى 500 مليون ريال عمانى، ورفع الحد الأقصى للإقراض لدى بنك التنمية من مليون ريال عمانى إلى 5 ملايين ريال عمانى، وإتاحة المجال لتجاوز هذا الحد للمشاريع التنموية ذات القيمة المضافة للاقتصاد المحلى فى محافظات سلطنة عمان، كما تم العمل على إطلاق صندوق استثمارى متخصص (صندوق عمان المستقبل) برأسمال مليارى ريال عمانى يهدف إلى تمويل أوالدخول فى شراكات مع القطاع الخاص والمستثمرين فى مشاريع استثمارية مجدية فى قطاعات التنويع فى سلطنة عمان والتى تسهم بأثر اقتصادى، وذلك بتوزيع التمويل على هذه القطاعات وعدم التركيز على قطاع معين، مع تخصيص نسبة 10% من رأسمال الصندوق للاستثمار الجرىء ومشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

تعزيز برنامج تنمية المحافظات وتوفير جميع السبل لتحقيق عوائد ذاتية

أوضح «الحبسى» أن المحافظات لم تتلق صرفاً يعادل المبلغ المخصص لها والبالغ 20 مليون ريال عمانى لكل محافظة، مؤكداً استمرار دعم وتعزيز برنامج تنمية المحافظات وتوفير جميع السبل لتحقيق عوائد ذاتية لها. وبين أن الحكومة تأخذ فى اعتبارها المشاريع التى تم الإعلان عنها مؤخراً، مثل مدينة السلطان هيثم، وستقوم خلال العام الجارى بتنفيذ البنية الأساسية وتقديم الخدمات للمرحلة الأولى من المدينة. أما البنية الفوقية، فستتم إقامتها على يد المستثمرين.

وأكد سلطان الحبسى، وزير المالية أن الميزانية تأخذ فى اعتبارها ملف الباحثين عن العمل، موضحاً أنه عند افتتاح مبان حديثة كالمدارس والمستشفيات سيتم توظيف الكوادر الوطنية لها، كما أن الوزارة اعتمدت فى ميزانية العام الجارى 36 مليون ريال عمانى لبرامج التدريب المقرون بالتشغيل، إلى جانب الاهتمام بالقضايا المتعلقة بالتقاعد والإحلال.

من جانبه، أشار عبدالله بن سالم الحارثى، وكيل وزارة المالية إلى أنه من المتوقع ارتفاع إيرادات النفط فى الميزانية المعتمدة لعام 2024م بـ5,9 مليار ريال عمانى، وارتفاع إيرادات الغاز بـ1,5 مليار ريال، وارتفاع الإيرادات غير النفطية بـ3,5 مليار ريال عمانى.

وأكد أن مصروفات الدفاع والأمن بلغت 3,070 مليار ريال، ومصروفات الوزارات المحلية 4,453 مليار ريال، أما المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية فبلغت 900 مليون ريال، فيما سجلت خدمة الدين العام 1,050 مليار ريال، وبلغت مصاريف الدعم والمساهمات 2,177 مليار ريال عمانى.

منظومة الحماية الاجتماعية تحظى بالأولوية

وفيما يتعلق بنفقات منظومة الحماية الاجتماعية، ذكر وكيل وزارة المالية، أن هذه النفقات توزعت على بما يقدر 560 مليون ريال عمانى و460 مليون ريال عمانى لدعم قطاع الكهرباء و400 مليون ريال مخصصة الديون و55 مليون ريال لدعم فوائد القروض التنموية والإسكانية و240 مليون ريال للمشاريع ذات الأثر التنموى و184 مليون ريال لدعم قطاع المياه والصرف الصحى و35 مليون ريال لدعم المنتجات النفطية، 25 مليون ريال لدعم السلع الغذائية.

وأضاف وكيل وزارة المالية بأن الإنفاق الاجتماعى المقدر لعام 2024 بلغ 41% من إجمالى الإنفاق العام موزع على التعليم بنسبة 41%، و28% للضمان والرعاية الاجتماعية، و9% للإسكان و22% للصحة، مشيرا أيضاً إلى الإنفاق الإنمائى والاستثمارى والمقدر أن يبلغ 3,9 مليار ريال عمانى موزعة على جهاز الاستثمار العمانى بـ1,25 مليار ريال، و1,5 مليار ريال لتنمية طاقة عمان، و1٫14 مليار للميزانية الإنمائية وبند مشاريع ذات أثر تنموى.

وأكد وكيل وزارة المالية بأن الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لميزانية عام 2024م سوف تحقق الاستدامة المالية ونمواً اقتصادياً لا تقل نسبته عن 3% بالأسعار الثابتة لعام 2024م، مع إبقاء معدلات التضخم فى مستويات معتدلة بحدود 3%، والحفاظ على مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية التى تقدمها الحكومة، والعمل على تعزيز دور بنك التنمية فى تمويل المشاريع ذات القيمة المضافة، وتدشين صندوق عمان المستقبل وبدء نشاطه التمويلى، والاستمرار فى تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات وتبسيطها، وتنمية المحافظات ودعم التنافسية وإيجاد مصادر دخل ذاتى والاستمرار فى تنفيذ البرامج الوطنية.

الشمولية والتوازن والمرونة واستشراف المستقبل

أكد خبراء اقتصاديون أن ميزانية 2024 جاءت متوازنة ومرنة ومتكيفة مع مختلف الظروف الاقتصادية المحلية والخارجية، مستجيبة للعديد من تطلعات المجتمع واحتياجاته، واتسمت بالشمولية فى برامجها ومشاريعها الحالية والمستقبلية، وراعت فى توجهاتها النظر باهتمام فى احتياجات المجتمع ومطالبه الاجتماعية، والاقتصادية، والتنموية عبر اعتماد مخصصات مالية تبلغ 4,8 مليار ريال عمانى لتحسين المستوى المعيشى من خلال مجموعة واسعة من المشاريع المباشرة وغير المباشرة فى القطاعات الإسكانية، والصحية والتعليمية والخدمية، إلى جانب تعزيز مستوى دخل الفرد عبر اعتماد الترقيات، ودعم قطاعى الكهرباء والمياه، وتوفير فرص العمل، وتنويع مصادر الدخل وغيرها من البرامج التى أضفت على ميزانية 2024 ارتياحاً كبيراً فى الأوساط الاقتصادية والمجتمعية.

العناية بالاستثمار وتعزيز الموارد المالية للدولة

وأشاد الخبراء والمحللون الاقتصاديون بأهمية تركيز الميزانية الجديدة على البرامج الاقتصادية من خلال العناية بالاستثمار وتعزيز الموارد المالية للدولة، واستثمار المقومات والفرص فى القطاعات الحيوية المستهدفة فى رؤية عمان 2040م، والخطة الخمسية العاشرة، مع الاهتمام الأكبر بتنفيذ المشاريع الأساسية الخدمية منها والاستثمارية، إلى جانب المشاريع المؤجلة فى برامج وأجندة الحكومة خاصة فيما يتعلق بالخدمات العامة كالطرق والصحة والتعليم والكهرباء والمياه التى خصصت لها الحكومة اعتمادات مالية تفى بمتطلبات هذه القطاعات من المشاريع الأساسية والرئيسية، بحسب أولويتها وأهميتها.

تحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى

لقد أولت ميزانية 2024 أهمية أيضاً فى تحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى من خلال الموازنة بين حجم الإيرادات والإنفاق، وضبط العجز المالى ليكون فى الحدود الآمنة، مع اهتمام الحكومة بمراجعة العديد من السياسات وهو ما كان عنصرا مهما رفع من تصنيفها فى المؤشرات الاقتصادية الدولية، التى أشادت بتلك الجهود وقدرة سلطنة عمان على معالجة العديد من الأشكاليات المالية والاقتصادية التى كانت تعيق عملية النمو، وفى مقدمتها الدين العام الذى انخفض بمعدلات كبيرة ليصل إلى 15,2 مليار ريال عمانى، وخفض كلفة الدين العام، والإجراءات التى قامت بها الحكومة فى معالجة الإنفاق غير الرشيد بالنسبة للكثير من المجالات والقطاعات وهيكلة مؤسسات الدولة التى عززت من مستوى الأداء والإنتاجية فى خدماتها المختلفة رغم تطلع الجميع لمزيد من التطوير والتحديث فى تلك الخدمات والتسهيلات.

 

Advertisements

قد تقرأ أيضا